سرب موقع ويكيليكس 70 ألف وثيقة، هي الدُّفعة الأولى من عدد وثائق يصل لأكثر من نصف مليون وثيقة، منها ما هو غاية في السريَّة من قبل وزارة الخارجية السعودية وسفاراتها حول العالم. في تعليقها على التسريبات عبر تويتر قالت وزارة الخارجية أن المواطن الجيد لن يلتفت للتسريبات التي قد تحتوي على معلومات غير صحيحة. التسريبات تكشف مركزية شديدة، بحيث يتمّ رفع عدد هائل من المعلومات للملك بنفسه، ليتولَّى القرار فيها بنفسه.
في هذا التقرير، نعرض لك إيران بعيون السُّعوديَّة من خلال وثائق ويكيليكس.
البداية
تكشف الوثائق المسربة أن السعودية ترى إيران كـ”تهديد” دائم ومباشر، وحسب برقية من وزارة الخارجية السعودية تمثل ممارسات إيران تهديدًا مستمرًا لأمن واستقرار المنطقة، يبدأ التهديد من المناورات العسكرية شبه الشَّهرية إلى تطور أسلحة دمار شامل، إضافةً إلى ملفِّها النووي وما يمثِّلُهُ من تهديد لأمن واستقرار دول المنطقة. تشير الوثيقة إلى تخوف السعودية كذلك من تهديدات إيران لها في لبنان وسوريا واليمن والبحرين. وهذا ملفٌّ آخر كبير.
للاطلاع على الوثيقة من ويكيليكس، من هُنا.
في مواجهة هذا التهديد، تقوم المملكة بكلّ ما هُوَ مُمكن، وتمويل كل ما من شأنه أن يحُدَّ من هذا. في عام 2011، وثيقة سرية وعاجلة من السفارة السعودية في لبنان تتحدث عن رسالة من قبل الإعلامي اللبناني عوني الكعكي (الذي أصبح فيما بعد نقيب الصحفيين في لبنان)، رئيس تحرير جريدة الشروق، يذكر فيها الكعكي أنَّ العروض المقدمة له من (سوريا وقطر وإيران) قد رفضها تمامًا. لأنَّ إيران صاحبة مشرُوع خطير في المنطقة كلها. في نفس الوثيقة يذكر الكعكي في رسالته أن جريدته مدينة بثلاثة مليون دولار.
التناول الإعلامي الرسمي الإيراني لشأن المملكة “تقرير إيران اليومي“
تظهر في الوثائق المُسربة تقارير يوميَّة عن إيران تُرفع لوزارة الخارجيَّة. كما تنقل الوثائق تقارير شبه دورية عن تغطية الإعلام الإيراني الرَّسمي للموقف السعودي ولأخبار السعودية وأخبار العائلة المالكة. تتضمن الوثائق كذلك نقلًا لتناول وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالعربية والفارسية على السواء. الوثائق في معظمها تتناول تحركات السعودية في سوريا والكويت واليمن، وتمويلها لمجموعات وصفت بـ«الوهابية» لتنفيذ أهدافها في هذه الدول. يتم التركيز بشكلٍ كبير على موضوع خلافة الملك الراحل عبد الله. كذلك تلفت الوثائق أنَّ إيران ترى أن مشروع تسريبات ويكيليكس ما هو إلا أداة أمريكية لنسف التقارُب بين بعض الدُّول العربية وإيران، كالسعودية على سبيل المثال.
يمكنك الاطلاع على بعض هذه التقارير اليومية على ويكيليكس، من هُنا.
الجهوزية العسكرية لإيران ستحمي السعودية ومنطقة الخليج!
تُظهر برقية من السفارة السعودية في طهران تقول أنّ إيران استطاعت خلال العقدين الأخيرين تطوير البنية العامة لقوَّاتها المسلحة ودفاعاتها العسكرية وحققت إيران إنجازات كبيرة في مجال التحكم بالحروب الإلكترونية واختراع الأنظمة الصاروخية والرادارية الدقيقة. التقنيات الدفاعية الإيرانية تفوق في بعض قدراتها بعض الإمكانات العسكرية التي تحاول إسرائيل بها أن تُرهب “دول المنطقة وأبناء الأمة الإسلامية”. تذكُر الوثيقة كذلك أنَّ هذا التطور العسكري لإيران – وإن كان منافسًا للسعودية – إلا أنه يستطيع أن يكون صمام أمان لمنطقة الخليج، عبرت الوثيقة بهذا التعبير:
يمكن التأكيد على أنّ جهوزية الجمهورية الإسلامية برًا وبحرًا وجوًا هي الضمانة الحقيقية لحماية أمن منطقة الخليج والتوازنات العالمية على حدٍ سواء.
يمكنك الاطلاع على الوثيقة عبر ويكيليكس أيضًا، من هُنا.
السعودية تتابع تحركات إيران في المنطقة كاملة
كشفت الوثائق المسرَّبة، أنَّ السعودية تتابع ما يجري في جميع الدول العربية تقريبًا، ليس فقط على المستوى العام، وإنما على مستوى أكثر تفصيلًا، متابعة الأدوار التي تقوم بها بعض الجمعيات “الخيرية” وغيرها. في وثيقة من سعود الفيصل وزير الخارجية إلى الملك عبد الله، يقول فيها أنّ الدكتور محمد النجيفي شقيق رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي راسل الأمير سعود الفيصل برسالة يخبره فيها بالتطوُّرات في الوضع العراقي الذي وصفه بالتطورات “الخطيرة”. في ظل “سعي إيران للسيطرة على العراق من خلال رئاسة الحكومة بيد نوري المالكي“. النجيفي كان قد طلب مقابلة الفيصل، ويستأذن الفيصل من الملك في مقابلة النجيفي للتباحث معه حول الأمر. يتجاوز الأمر ذلك إلى رفع معلومات ووثائق إلى الملك نفسه من قبل وزير الخارجية حول حادثة حدثت لسفير إيران في باكستان وعدد المصابين في الحادث المروِّع. ما يعني أن سفارات المملكة تقوم برفع عدد كم هائل جدًا من المعلومات إلى الملك مباشرةً.
يمكنك الاطلاع على الوثيقة على ويكليكس، من هنا.
إيران في اليمن
في برقية صادرة من وزير الخارجية للملك (غير محددة التاريخ) يؤكد الفيصل على أنَّ إيران تسعى للتضييق على المملكة من خلال إثارة الشيعة داخل المملكة، وعن طريق خلق مشاكل لها في دول الجوار خصوصًا في اليمن. التي ترددت معلومات للمملكة بأنها تسعى فيها إلى فصل جنوب اليمن عن شماله، لكي تُدخل منطقة الجزيرة العربية في مرحلة اضطرابات واسعة. البرقية تذكر بعض “الإشاعات” عن توافق الرؤى الإيرانية مع الرؤى الروسية حول اليمن وفصل جنوبه عن شماله، البرقية توضح كذلك أن مخططات (الشيعة) في إيران ولبنان والعراق ضد المملكة لن تتوقف أبدًا.
الغريب أنّ وثيقة مقدمة من وزير الخارجية سعود الفيصل إلى الملك تقول أنَّ إيران ووزير خارجيتها كانت حريصة طوال الأعوام السابقة على إطلاع الدول العربية بمستجدَّات الأُمُور في ملفِّها النووي. وأنَّها كانت تأمل أن تقوم الدول العربية الرئيسية بدور في هذا الملفّ. الأغرب من ذلك أنَّ السفارة السعودية لها علاقة “نوعًا ما” مع حزب الله! فتذكُر البرقيَّة أنَّ سفير السعودية (لا تذكر البرقية السفير في لبنان أم إيران) قد زار نائب أمين عام الحزب، كما شارك نواب من الحزب في احتفال السفارة باليوم الوطني وهم على تواصل دائم فيما يخصّ تأشيرات الحج والعمرة التي تقدمها السفارة للحزب. السعودية في تلك الوثيقة تقدِّر أي اعتدال في توجهات الحزب الداخلية. الجدير بالذكر أن الوثيقة تذكر أن حزب الله لا تتطابق مواقفه دائمًا مع مواقف إيران. وأن إيران لن تشارك في أي مواجهة بين الحزب وإسرائيل.
للاطلاع على الوثيقة من ويكيليكس، من هُنا.
يتجاوز الأمر كذلك إلى رصد التحرُّكات الشيعية في دول المنطقة. ففي وثيقة مسربة من رئاسة الاستخبارت العامة السعودية مرفوعة للملك وولي العهد، تذكر الصحيفة بعض المعلومات عن الحراك “الشيعي” في مصر. فقد قدم رئيس التيَّار الشيعي المصري “محمد غنيم” طلبًا إلى شيخ الأزهر يُطالب فيه بتضامُن الأزهر مع الشيعة المصريين؛ والتأكيد على أحقيتهم بالتمثيل في الجمعية التأسيسية للدستور. وتبين الوثيقة المسربة أن الطائفة الشيعية في مصر وجدت مساحتها الواسعة للانتشار بعد ثورة 25 يناير بسبب حالة الارتباك والاضطراب وغياب جهاز مباحث أمن الدولة. فضاعفوا من نشاطاتهم داخل مصر.
ساسة بوست