يؤكد أغلب الخبراء والمختصون أن مصر لها حقوق ثابتة في حقول الغاز المكتشفة بالبحر المتوسط التي يسطو عليها الكيان الصهيوني، لكن القاهرة اليوم بعدما كانت تصدر الغاز للكيان الصهيوني أصبحت تستورده من نفس الكيان، وهو ما يعني اعتراف مصري بعدم أحقية القاهرة في حقول الغاز المكتشفة.

أعلنت مجموعة “تمار” الإسرائيلية لحقول الغاز الطبيعى الأحد أنها، ستبدأ على الفور فى استكمال المفاوضات مع الشريك الإسبانى لتمويل خط أنابيب الغاز لتوصيله إلى مصر فى أسرع وقت، ونقلت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية التابعة لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، عن أعضاء بارزين بمجموعة الغاز الإسرائيلية الكبيرة المسئولة عن حقل الغاز الطبيعى بالبحر المتوسط “تمار” قولهم إنهم لن ينتظروا أي تسوية نهائية لسوق الغاز في لندن والمناقشات التي دارت حول تمويل المشروع مع ممثلي الشركة الإسبانية للتوقيع على مذكرة تفاهم للحصول على امتياز مد خط أنابيب جديد للغاز يمتد من “تمار” حتى مصر بتكلفة ما بين 300 إلى 500 مليون دولار.

كشفت مصادر إسرائيلية في الربع الأول من العام الجاري أن اتفاقًا بقيمة 2.5 مليار دولار أبرم بين شركة إسرائيلية ومصرية لتوريد الغاز الطبيعي للقاهرة، وأن الأخيرة ستشترى للمرة الأولى الغاز الطبيعي من تل أبيب، بعد أن وقعت شركة الغاز الإسرائيلية “تمار” مع شركة الغاز المصرية “دولفينوس” صفقة مدتها سبع سنوات.

ووفقًا للاتفاق فإن تل أبيب ستقوم بالتصدير إلى مصر في أول 3 سنوات كمية 5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي والتي تساوى 2.5 مليار دولار، وسيتم تصدير الغاز عبر خط أنابيب بحري تم تشيده قبل نحو 10 سنوات تديره شركة غاز شرق المتوسط، التي كانت تشرف على صفقة غاز طبيعي مصرية اسرائيلية مجمدة حاليًا.

أكدت مجموعة “تمار” الإسرائيلية لحقول الغاز الطبيعي، أنها لن تنتظر موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتانياهو”، وستبدأ على الفور في استكمال المفاوضات مع الشريك الإسباني لتمويل خط أنابيب الغاز لتوصيله إلى مصر في أسرع وقت.

وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أن مجموعة “تمار” قد أجرت خلال الأيام الأخيرة اتصالات مع الاتحاد الإسبانى للغاز “UFG” لتمويل خط أنابيب الغاز الممتد من حقل غاز تمار إلى مصر، مشيرة إلى أن المحادثات عقدت خلال الأسبوع الماضى فى لندن، وحضره ممثلون عن بنوك استثمارية أجنبية وممثلين عن الاتحاد الإسبانى، بالإضافة لممثلون من شركة الغاز الوطنية المصرية.

وذكرت “كالكاليست” إن الاتحاد الإسباني للغاز وقع في مايو من العام الماضي على مذكرة تفاهم لشراء خمس حجم المخزون الاستراتيجي للغاز من حقل “تمار” الإسرائيلي، بحوالي 60 مليار متر مكعب لأكثر من 15 عامًا بتكلفة قدرت بـ 15 مليار دولار إلى 20 مليار دولار على مدى عمر المشروع، وقامت الشركة بالإجراءات اللازمة لبيع الغاز إلى المنشأة التابعة لها التي انشأتها في شمال مصر منذ سنوات، لتصدير الغاز السائل بالشراكة مع شركة الغاز الوطنية المصرية وشركة النفط الوطنية المصرية.

أشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الشركة الإسبانية قدمت إلى مصر للعمل في استخراج الغاز من الحقول المصرية في يناير 2005، وكانت تبيع 7.6 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، وأنه منذ رحيل الرئيس الأسبق “حسنى مبارك” عن الحكم ومنشأة الغاز التي قامت بتدشينها معطلة، وبالتالي فإن الإسبان يتطلعون الى تشغيلها في أسرع وقت ممكن، وأنه من المرجح تشغيلها بنهاية عام 2017.

وأوضحت الصحيفة أنه وفقا للتقديرات، فإن خط أنابيب الغاز الجديد الذى سيمتد بين حقل “تمار” ومصر، التى تقدر تكلفته بـ 500 مليون دولار، كانت ستتحمل تكلفته مجموعة الغاز الإسرائيلية لكن بشرط الإعفاء من الضرائب من جانب الحكومة الصهيونية، وهو الأمر الذى تم رفضه بشكل قاطع، لذلك حاولت المجموعة الإسرائيلية إيجاد تمويل خارجى للمشروع، وبدأت المحادثات بين الجانبين وانتهت لقرار بدراسة إمكانية الاقتراض من الأسواق الخارجية.

كان سفير مصري سابق أقام دعوى قضائية في مارس 2013 تطالب بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية، التي وقعتها الحكومة المصرية مع نظيرتها القبرصية عام 2004، وجاء في الدعوى، التي أقامها وكيل وزارة الخارجية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، أمام محكمة القضاء الإداري، أن تلك الاتفاقية ترتب عليها “استحواذ” كل من قبرص وإسرائيل على حقول غاز طبيعي بمساحات ضخمة، رغم أنها أقرب إلى السواحل المصرية منها إلى سواحل الكيان الصهيوني.

وأكد يسري، في دعواه أن هذه الحقول، محل النزاع، مصرية مائة في المائة، لأنها تبعد عن ميناء دمياط بنحو 190 كيلومتراً، بينما تبعد عن حيفا بحوالي 235 كيلومتراً، مشيراً إلى أن حدود المياه الاقتصادية 200 كيلومتراً، طبقاً للقانون الدولي، كما أكدت الدعوى أن حقل “شمشون”، الذي تستغله إسرائيل، يبعد عن الساحل المصري بنحو 114 كيلو متراً فقط، وفقاً للتصوير الجوي، والأقمار الصناعية، والاستخبارات البحرية، وهو ما يجعله يقع ضمن المياه الاقتصادية المصرية ايضًا.

واستندت الدعوى إلى تقرير الدكتور إبراهيم عبد القادر عودة، أستاذ الجيولوجيا المتفرغ بجامعة أسيوط، وخرائط الدكتور نائل الشافعي، الباحث بجامعة ماساتشوستس الأمريكية، التي أكدت أن حقلي الغاز المتلاصقين “لڤياثان”، الذي اكتشفته إسرائيل في 2010، و”أفروديت”، الذي اكتشفته قبرص في 2011، باحتياطيات تُقدر قيمتها بقرابة 200 مليار دولار، يقعان في المياه الاقتصادية المصرية الخالصة.

وتؤكد الخرائط والإحداثيات ، حيث يقع حقل “لفثيان” والذي تقدر احتياطاته من الغاز الطبيعي بنحو 540 مليار متر مكعب(18 ترليون متر مكعب) ، ويعد أكبر حقل غاز طبيعي بحري في البحر المتوسط، على بعد 190 كيلو متر شمال محافظة دمياط في السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس البحري، وبالتالي يقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، وقد اكتشفته إسرائيل في يونيو 2010، ويقع على بعد 200 كيلو متر غرب حيفا على عمق 1500 متر في جبل إراتوستينس البحري، وتعتبر هذه المنطقة الغنية بالهيدروكربونات ومن أغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي.

أما حقل “شمشون” البحري والذي تُقدّر احتياطاته بقرابة 3.5 تريليون قدم مكعب، بحسب الخرائط يقع على عمق ألف متر تحت سطح البحر، جنوب لفياثان، ما يجعله على بُعد 114 كيلومتر شمال محافظة دمياط و237 كيلومتر غرب مدينة حيفا.

و بسبب أزمة الطاقة والهجمات على خط الغاز المصري في سيناء، تعاني مصر في الأوقات الأخيرة من أزمة شديدة في انقطاع في الكهرباء، علمًا أن مصر تنتج من الغاز الطبيعي 2.5 مليار متر مكعب، تستهلك محطات الكهرباء 60% منهم أي ما يعادل 1.5 مليار متر مكعب، ويري الخبراء أن هذه الحقول المصرية الخالصة التي يقدر احتياطى الغاز فيها بنحو 800 مليار متر مكعب  كفيلة بأن تغيير الحياة على أرض مصر، وتجعلها دولة غنية بالغاز.