السلفية الوهابية ودورها في شلّ الثقافة المصرية
السلفية الوهابية ودورها في شلّ الثقافة المصريةالسلفية الوهابية ودورها في شلّ الثقافة المصرية
عندما يطلب الإعلامي والصحفي المصري مصطفى بكري، تمويلا من السعودية لتأسيس حزب سياسي وإطلاق قناة فضائية واصدار جريدة يومية ، ل”مواجهة الشيعة” ، وعندما تكشف عشرات الالاف من الوثائق عن شراء السعودية ذمم زعامات وشخصيات سياسية واعلامية ودينية ومجتمعية في البلدان العربية ، وعندما تقوم السعودية بانشاء فضائيات ، وتشكيل جمعيات “خيرية” ، وتاسيس احزاب سياسية ، بهدف نشر الفكر السلفي الوهابي ، للتصدي للشيعة ، عندها فقط يمكن فهم كل هذه الفتن الطائفية التي تعصف بالعالم العربي ، والتي شوهت الوجه الحضاري للعديد من المجتمعات العربية وخاصة في مصر ولبنان والعراق وسوريا.
لا يمكن فهم المجزرة الرهيبة التي شهدتها مصر والمتمثلة بعملية القتل الوحشية للشيخ حسن شحاته والشيعة المصريين على يد مجموعة من السلفية الوهابية ، ولا يمكن فهم بروز شخصيات مصرية تقلد مشايخ الوهابية في السعودية في مصر وتطلق الفتاوى السخيفة والتي تتعارض مع الروح المصرية والثقافة المصرية المعروفة ، ولا يمكن فهم الصوت العالي للاحزاب السلفية في مصر ، والتي اصبحت تكتم على انفاس كل المبدعين المصريين ، الذين يعيشون تحت رحمة تكفيرهم وتخوينهم ، لايمكن فهم كل هذا الا من خلال الاطلاع على الوثائق الجديدة التي نشرها موقع ويكليكس ، والتي كشفت عن حجم المال السعودي الذي يضخ في المجتمعات العربية وخاصة تلك التي تحتل مكانة مرموقة بين العرب ، وخاصة المجتمع المصري.
ممارسات السلفية الوهابية شوهت وبشكل متعمد الصورة الناصعة للمشهد الثقافي المصري الذي كان ينبوعا ينهل منه كل المثقفين العرب من مختلف المشارب والمذاهب والطوائف والقوميات ، اصبح حديث اليوم ، فكل نشاط ثقافي داخل مصر ، يتعارض مع الفكر السلفي الوهابي المتخلف ، يتعرض الى حرب شعواء من قبل الاحزاب والجماعات والشخصيات السلفية ، وتنهال الفتاوى العجيبة الغربية في تكفير كل من ساهم وشارك وايد مثل هذا النشاط ، ونفس المصير يلقاه كل مفكر وعالم دين ومثقف مصري ،لا يتبع دين السلفية الوهابية ، وتسنح له الفرصة للمشاركة في ندوة علمية خارج مصر ، تلبية دعوة من جهة ما ، وخاصة لو كانت هذه الجهة ايران او العراق او اي جهة محسوبة على المسلمين الشيعة ، فأقل ما يتهم فيه هذا المفكر او عالم الدين او المثقف او الفنان ، هو الارتداد والكفر و”التشيع” ، بالاضافة الى محاربته في رزقه والتضييق بكل الوسائل.
آخر هستيريا السلفية الوهابية كانت الحملة الشعواء التي تعرض لها فنانون مثقفون وعلماء دين مصريين، بينهم محمود الجندي واحمد ماهر وحنان شوقي ووفاء الحكيم والشيخ حسن الجنايني من علماء الازهر ، بسبب زيارتهم للعراق وتعاطفهم مع ضحايا قاعدة اسبايكر العسكرية التي لقي فيها 1700 طالب عراقي مصرعهم على يد “داعش” على خلفية طائفية ، ولاشادتهم بالقوات العراقية والحشد الشعبي العراقي الذي يحارب “داعش” ، ويحرر المناطق السنية في العراق من رجسهم و وحشيتهم .
هؤلاء الفنانون والمثقفون وعلماء الدين المصريين ، وبدلا من ان يُشاد بهم لموقفهم الانساني والقومي والديني ، المساند والمتعاطف مع اخوة لهم بالانسانية والقومية والدين ، في زمن عز فيه مثل هؤلاء ، الذين يذكروننا في الزمن الجميل زمن القومية العربية الانسانية ، وزمن التسامح الاسلامي ، وزمن الحضارة والثقافة المصرية التي كانت تشع بنورها في جميع ارجاء البلدان العربية ، نراهم يُتهمون من قبل السلفية الوهابية المختلفة ، التي دُست دسا في الجسد الاجتماعي والثقافي والديني المصري ، والتي لاترى الامور من حولها الا من منظار طائفي متخلف ضيق قبيح ، بانهم “تشيعوا” وانهم “ارتدوا” و انهم اصبحوا يناصرون “الروافض” ، ويخذلون “اهل السنة”.
لا ضير في تصفح المصريين وثائق ويكليكس التي فضحت دور السعودية في نشر الفكر السلفي الوهابي في العالم العربي ، عندها سيعرفون من هم امثال ناصر رضوان و وليد اسماعيل ومشايخهم من امثال ابو اسحاق الحويني ومحمد حسان وحسين يعقوب وغيرهم ، الذين يعتبرون الطابور الخامس للسلفية الوهابية في مصر ، والتي لاهم لها سوى تحقيق هدف واحد لا غير يتمثل بنقل الفكر السلفي الوهابي النجدي المتخلف الى ارض الكنانة ارض الحضارات والامجاد والعباقرة والمفكرين والشعراء و الفنانين.
* نبيل لطيف/ شفقنا
قناة العالم