بقلم/ الدكتور طالب احمد جايد
لم تجد نفعا الانقلابات العسكرية في العالم المتحضر فكيف يريدونها لنا؟ لاتعني كثرة الولاءات الحزبية والطائفية ان البلاد بحاجة الى قيادات عسكرية وليس مدنية، إذ يستطيع القائد المدني تذويب الولاءات الحزبية والطائفية إذا عمل بإخلاص للشعب وكرس وقته للشعب، ليس لكيانه السياسي، نعم يأخذ النصائح من كيانه السياسي ولكن ينبغي عليه انتخاب النصائح الايجابية التي تفيد المجتمع او شريحة كبيرة من المجتمع تحت الدراسة وليس قسم قليل منه لايتجاوز المحسوبين على الكيان السياسي.
ان العالم المتحضر مليئ بالكيانات السياسية والحزبية والطائفية، لنسأل أنفسنا كيف استطاعوا صقلهم او دمجهم في بودقة واحدة؟ كيف حجموا من تأثير من لايريد الاندماج والدخول في دين او مذهب او فكر الدولة الواحدة؟ لايمكن ان نفتح عين ونغلق الأخرى، إذ إن العالم مليئ بالمتناقضات، لكن بنفس الوقت يحاول التخلص من هذه المتناقضات بطرق شتى. واحدة من هذه الطرق هو القائد الناجح، مجلس الوزارة الناجح ورئيس الجمهورية الناجح والمجتمع الناجح. فاين نحن من هذه المعادلة ومن هو الناجح فينا؟ ان المجتمع العراقي حاله حال المجتمعات المتحضرة، عندما يجد قائد مناسب فلن يكون هناك مجال مناسب للولاءات الطائفية والحزبية.
لم يولد العراق اليوم او امس، بل كان العراق حر، لذلك من السهل عليه التغلب على هذه المعانات.
ومن لايريد الاندماج فهم قلة قليلة سيلفضهم التأريخ قبل المجتمع وهذا هو حال الأمم والشعوب المتقدمة.
إذن من واجب القائد الخادم القضاء على الولاءات من خلال النزول للشارع وسماع صوت المواطن والتكلم بصفة الخادم وليس لغة القائد، الشعب هو الوحيد الذي يطلق صفة القائد، بينما من صفة الخادم من حق الحاكم وهي خصوصية له. ان مايزيد فرصة نجاح القائد في العراق عندما يصبح خادم كون المجتمع العراقي عاطفي ويميل أكثر للتواضع. فعندما يذهب القائد الخادم الى إحدى دوائر الدولة ويخطب أمام المسؤولين والرعية وهم بالتأكيد ولاءات حزبية وطائفية، فالمدير مثلا من الحزب الفلاني، بينما معاونيه من أحزاب أخرى او طوائف أخرى، عندما يخاطب القائد كل هذه الشرائح بلغة الخادم، فلن يكون هناك مجالا للبحث عن ثغرات في هذا الخادم، بل سيذهب القسم الأكبر منهم ويبحث عن ثغرات في كياناتهم لأن هؤلاء قبل ان يكونوا أصحاب ولاءات، هم من هذا المجتمع يعيشون فيه ويعرفون معاناته، المشكلة التي نواجهها الآن تتمحور في كثرة هذه الكيانات وتشعبها لدرجة ارباك القائد، لذلك على القائد بذل الجهود الكبيرة لكي ينجح على اقل تقدير، فعليه كثير من الضغوطات التي قد لايستطيع تجاوزها، مثلا مشكلة قانون الأحزاب. لحد الآن لايوجد قانون ينظم عمل الأحزاب في العراق، إذن من يريد عمل ولاءات فهو حر ولايوجد تقييد كبير.
لذلك أصبح القائد الخادم وليس القائد العسكري ضرورة ملحة لأنقاذ العراق، القائد الذي يعمل ويعمل ثم يعمل بدون كلل. ليس فقط قائد، بل خادم للجميع بدون استثناء.