"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

تأسيس مكة المكرمة (حرسها الله) وبناء الكعبة ورعايتها على يد آباء رسول الله صلى الله عليه وآله فهل هؤلاء كفار !!!

نشر على المطرقة في تاريخ 13 – 7 – 2010
———————-
أدباء المطـــرقـــــه

خالد محيي الدين  الحليبي
تأسيس مكة المكرمة وبناء الكعبة ورعايتها  على يد سيدنا إبراهيم وإسماعيل

ثم بني هاشم وعبد عبد المطلب آباء رسول

 الله صلى الله عليه وآله

(1)

بناء الكعبة بوحي من الله لنبيه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام

 وبمواصفات أوحاها الله تعالى إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام وبواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام

 

قال صاحب كتاب تاريخ مكة :

[ خلقَ اللهُ تعالى الكعبةَ المشرفة، وجعلها في وسطِ الأرض، وتعبَّدَ الناسَ بالطواف حولها، وقد قدمنا أنَّ أول من بناها كان نبيَّ الله ءادم عليه السلام، ثمَّ بناها بأمر الله تعالى إبراهيمُ عليه السلام وولده إسمعيل بعد أنْ كان أصابها الطوفانُ زمن نوح عليه السلام . ….وكان إبراهيم عليه السلام يبني وإسمعيل عليه السلام ينقل له الأحجار، فلما ارتفعَ البنيان قرَّب له المقام فكان يقف عليه ويبني حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود، وهو ياقوتة بيضاءُ أهبطت مع ءادم عليه السلام حين أُهبط من الجنة، فأتاه جبريل عليه السلام وكان استودِع جبل أبي قبيس حين طوفان نوح عليه السلام فوضعه جبريلُ في مكانه ليكون عَلَمًا للناسِ يبتدِئون منه الطواف، وبنى عليه إبراهيمُ وهو حينئذٍ يتلألأ نورًا ويضيء شرقًا وغربًا وشامًا ويمنًا إلاَّ أنَّ خطايا الجاهلية وأرجاسَها سوَّدتْه – الأزرقي – تاريخ مكة ج1] .

الكعبة من آدم عليه السلام  حتى إبراهيم حليل

الرحمن عليه السلام

جاء في تفسير الإمام الطبري  عند قوله تعالى : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبّنَا تَقَبّلْ مِنّآ إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ }

يعنـي تعالـى ذكره بقوله :[  وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيـمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَـيْتِ واذكروا إذ يرفع إبراهيـم القواعد من البـيت. والقواعد جمع قاعدة, يقال للواحدة من قواعد البـيت قاعدة, وللواحدة من قواعد النساء وعجائزهن قاعد, فتلغى هاء التأنـيث لأنها فـاعل من قول القائل: قعدت عن الـحيض, ولا حظّ فـيه للذكورة, كما يقال: امرأة طاهر وطامث, لأنه لا حظّ فـي ذلك للذكور. ولو عنى به القعود الذي هو خلاف القـيام لقـيـل قاعدة, ولـم يجز حينئذٍ إسقاط هاء التأنـيث. وقواعد البـيت: أساسه. ثم اختلف أهل التأويـل فـي القواعد التـي رفعها إبراهيـم وإسماعيـل من البـيت, أهما أحدثا ذلك, أم هي قواعد كانت له قبلهما؟ فقال قوم: هي قواعد بـيت كان بناه آدم أبو البشر بأمر الله إياه بذلك, ثم درس مكانه وتعفـى أثره بعده حتـى بوأه الله إبراهيـم علـيه السلام, فبناه. ذكر من قال ذلك:

1546ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن جريج, عن عطاء, قال: قال آدم: يا ربّ إنـي لا أسمع أصوات الـملائكة قال: بخطيئتك, ولكن اهبط إلـى الأرض وابن لـي بـيتا, ثم احْفُفْ به كما رأيت الـملائكة تـحفّ ببـيتـي الذي فـي السماء. فـيزعم الناس أنه بناه من خمسة أَجْبُل: من حراء, وطور زَيْتا, وطور سِينا, وجبل لبنان, والـجودي, وكان رَبَضُه من حراء فكان هذا بناء آدم حتـى بناه إبراهيـم بعد.

1547ـ حدثنا الـحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن أيوب, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيـمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَـيْتِ قال: القواعد التـي كانت قواعد البـيت قبل ذلك.

وقال آخرون: بل هي قواعد بـيت كان الله أهبطه لاَدم من السماء إلـى الأرض, يطوف به كما كان يطوف بعرشه فـي السماء, ثم رفعه إلـى السماء أيام الطوفـان, فرفع إبراهيـم قواعد ذلك البـيت. ذكر من قال ذلك:

1548ـ حدثنـي مـحمد بن بشار, قال: حدثنا عبد الوهاب, قال: حدثنا أيوب, عن أبـي قلابة, عن عبد الله بن عمرو قال: لـما أهبط الله آدم من الـجنة قال: إنـي مهبط معك أو منزل معك بـيتا يطاف حوله, كما يطاف حول عرشي, ويصلّـى عنده, كما يصلّـى عند عرشي. فلـما كان زمن الطوفـان رفع, فكان الأنبـياء يحجّونه ولا يعلـمون مكانه, حتـى بوأه الله إبراهيـم وأعلـمه مكانه, فبناه من خمسة أجبل: من حراء, وثبـير, ولبنان, وجبل الطور, وجبل الـخمر. حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا إسماعيـل بن علـية, قال: حدثنا أيوب, عن أبـي قلابة, قال: لـما أهبط آدم, ثم ذكر نـحوه.

1549ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا هشام بن حسان, عن سوار, عن عطاء بن أبـي ربـاح, قال: لـما أهبط الله آدم من الـجنة كان رجلاه فـي الأرض ورأسه فـي السماء, يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم, يأنس إلـيهم, فهابته الـملائكة حتـى شكت إلـى الله فـي دعائها وفـي صلاتها, فخفضه إلـى الأرض فلـما فَقد ما كان يسمع منهم, استوحش حتـى شكا ذلك إلـى الله فـي دعائه وفـي صلاته, فوُجّه إلـى مكة, فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفـازةً, حتـى انتهى إلـى مكة. وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الـجنة, فكانت علـى موضع البـيت الاَن, فلـم يزل يطوف به حتـى أنزل الله الطوفـان, فرفعت تلك الـياقوتة, حتـى بعث الله إبراهيـم فبناه, فذلك قول الله: وَإِذْ بَوّأْنا لابْرَاهِيـمَ مَكَانَ البَـيْتِ.

1550ـ حدثنـي الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, قال: وضع الله البـيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلـى الأرض, وكان مهبطه بأرض الهند, وكان رأسه فـي السماء ورجلاه فـي الأرض, فكانت الـملائكة تهابه, فنقص إلـى ستـين ذراعا. فحزن آدم إذ فقد أصوات الـملائكة وتسبـيحهم فشكا ذلك إلـى الله تعالـى فقال الله: يا آدم إنـي قد أهبت إلـيك بـيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي, وتصلّـي عنده كما يصلّـى عند عرشي. فـانطلق إلـيه آدم فخرج, ومُدّ له فـي خطوه, فكان بـين كل خطوتـين مفـازة, فلـم تزل تلك الـمفـاوز بعد ذلك, فأتـى آدم البـيت وطاف به ومن بعده من الأنبـياء.

1551ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن أبـان: أن البـيت أُهبط ياقوتة واحدة أو درّة واحدة, حتـى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه وبقـي أساسه, فبوأه الله لإبراهيـم, فبناه بعد ذلك.

وقال آخرون: بل كان موضع البـيت ربوة حمراء كهيئة القبة. وذلك أن الله لـما أراد خـلق الأرض علا الـماءَ زَبْدَةٌ حمراءُ أو بـيضاءُ, وذلك فـي موضع البـيت الـحرام. ثم دحا الأرض من تـحتها, فلـم يزل ذلك كذلك حتـى بوأه الله إبراهيـم, فبناه علـى أساسه. وقالوا: علـى أركان أربعة فـي الأرض السابعة. ذكر من قال ذلك:

1552ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال جرير بن حازم, حدثنـي حميد بن قـيس, عن مـجاهد, قال: كان موضع البـيت علـى الـماء قبل أن يخـلق الله السموات والأرض, مثل الزّبْدَةِ البـيضاء, ومن تـحته دُحيت الأرض.

1553ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن جريج, قال:

قال عطاء وعمرو بن دينار: بعث الله رياحا فصفّقَت الـماء, فأبرزت فـي موضع البـيت عن حَشَفَةٍ كأنها القبة, فهذا البـيت منها فلذلك هي أمّ القرى. قال ابن جريج: قال عطاء: ثم وَتَدَها بـالـجبـال كي لا تُكْفأ بـمَيْدٍ, فكان أول جبل «أبو قبـيس».

1554ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب القمي, عن حفص بن حميد, عن عكرمة, عن ابن عبـاس قال: وضع البـيت علـى أركان الـماء علـى أربعة أركان قبل أن تـخـلق الدنـيا بألفـي عام, ثم دُحيت الأرض من تـحت البـيت.

1555ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب, عن هارون بن عنترة, عن عطاء بن أبـي ربـاح, قال: وجدوا بـمكة حجرا مكتوبـا علـيه: «إنـي أنا الله ذو بَكّة بنـيته يوم صنعت الشمس والقمر, وحففته بسبعة أملاك حَفّـا».

1556ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: حدثنـي عبد الله بن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وغيره من أهل العلـم: أن الله لـما بَوّأَ إبراهيـم مكان البـيت, خرج إلـيه من الشام, وخرج معه بإسماعيـل وأمه هَاجَر, وإسماعيـلُ طفلٌ صغير يرضع, وحُملوا فـيـما حدثنـي علـى البُراق ومعه جبريـل يدله علـى موضع البـيت ومعالـم الـحرم. فخرج وخرج معه جبريـل, فقال: كان لا يـمرّ بقرية إلا قال: أبهذه أُمرت يا جبريـل؟ فـيقول جبريـل: امْضِهْ حتـى قدم به مكة, وهي إذ ذاك عِضَاهُ سلَـم وسَمُر يربّها أناس يقال لهم العمالـيق خارج مكة وما حولها, والبـيت يومئذٍ ربوة حمراء مَدِرَة, فقال إبراهيـم لـجبريـل: أههنا أمرت أن أضعهما؟ فـال: نعم فعمد بهما إلـى موضع الـحجر فأنزلهما فـيه, وأمر هاجر أم إسماعيـل أن تتـخذ فـيه عريشا, فقال: رَبّ إِنّـي أسْكَنْتُ مِنْ ذُرّيّتِـي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَـيْتِكَ الـمُـحَرّمِ إلـى قوله: لَعَلّهُمْ يَشْكُرُونَ.

قال ابن حميد: قال سلـمة: قال ابن إسحاق: ويزعمون والله أعلـم أن ملكا من الـملائكة أتـى هاجر أمّ إسماعيـل, حين أنزلهما إبراهيـم مكة قبل أن يرفع إبراهيـم وإسماعيـل القواعد من البـيت, فأشار لهما إلـى البـيت, وهو ربوة حمراء مَدِرَة, فقال لهما: هذا أول بـيت وضع فـي الأرض, وهو بـيت الله العتـيق, واعلـمي أن إبراهيـم وإسماعيـل هما يرفعانه. فـالله أعلـم.

1557ـ حدثنـي الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا هشام بن حسان, قال: أخبرنـي حميد, عن مـجاهد, قال: خـلق الله موضع هذا البـيت قبل أن يخـلق شيئا من الأرض بألفـي سنة, وأركانه فـي الأرض السابعة.

1558ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن عيـينة, قال: أخبرنـي بشر بن عاصم, عن ابن الـمسيب, قال: حدثنا كعب أن البـيت كان غُثَاءَةً علـى الـماء قبل أن يخـلق الله الأرض بأربعين سنة, ومنه دُحيت الأرض. قال: وحدثنا عن علـيّ بن أبـي طالب أن إبراهيـم أقبل من أرمينـية معه السكينة, تدله علـى تبوّىء البـيت كما تتبوأ العنكبوت بـيتها. قال: فرفعت عن أحجار تطيقه أو لا تطيقه ثلاثون رجلاً. قال: قلت يا أبـا مـحمد, فإن الله يقول: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيـمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَـيْتِ قال: كان ذاك بعد.

والصواب من القول فـي ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالـى ذكره أخبر عن إبراهيـم خـلـيـله أنه وابنه إسماعيـل رفعا القواعد من البـيت الـحرام. وجائز أن يكون ذلك قواعد بـيت كان أهبطه مع آدم, فجعله مكان البـيت الـحرام الذي بـمكة. وجائز أن يكون ذلك كان القبة التـي ذكرها عطاء مـما أنشأه الله من زَبَد الـماء. وجائز أن يكون كان ياقوتة أو درّة أُهبطا من السماء. وجائز أن يكون كان آدم بناه ثم انهدم حتـى رفع قواعده إبراهيـم وإسماعيـل. ولا علـم عندنا بأيّ ذلك كان من أَيَ لأن حقـيقة ذلك لا تُدرك إلا بخبر عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بـالنقل الـمستفـيض, ولا خبر بذلك تقوم به الـحجة فـيجب التسلـيـم لها, ولا هو إذ لـم يكن به خبر علـى ما وصفنا مـما يدل علـيه بـالاستدلال والـمقايـيس فـيـمثل بغيره, ويستنبط علـمه من جهة الاجتهاد, فلا قول فـي ذلك هو أولـى بـالصواب ما قلنا. والله تعالـى أعلـم. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: رَبّنا تَقَبّلْ مِنّا.

يعنـي تعالـى ذكره بذلك: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيـمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَـيْتِ وَإسْمَاعِيـلُ يقولان: رَبّنا تَقَبّلْ مِنّا وذكر أن ذلك كذلك فـي قراءة ابن مسعود, وهو قول جماعة من أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

1559ـ حدثنـي موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السدي, قال: يبنـيان وهما يدعوان الكلـمات التـي ابتلـى بها إبراهيـمَ ربّه, قال: رَبّنا تَقَبّلْ مِنّا إِنّكَ أنْتَ السّميعُ العَلِـيـمُ رَبّنا وَاجْعَلْنَا مُسْلِـمِينَ لَكَ وَمِنْ ذُرّيّتِنَا أُمّةً مُسْلِـمَةً لَكَ رَبّنا وَابْعَثْ فِـيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ.

1560ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنـي حجاج عن ابن جريج, قال: أخبرنـي ابن كثـير, قال: حدثنا سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيـمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَـيْتِ وإسْمَاعِيـلُ قال: هما يرفعان القواعد من البـيت, ويقولان: رَبّنا تَقَبّلْ مِنّا إِنّكَ أنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ قال: وإسماعيـل يحمل الـحجارة علـى رقبته والشيخ يبنـي.

فتأويـل الآية علـى هذا القول: وإذ يرفع إبراهيـم القواعد من البـيت وإسماعيـل قائلَـيْنِ: ربنا تقبل منا. وقال آخرون: بل قائل ذلك كان إسماعيـل.فتأويـل الآية علـى هذا القول: وإذ يرفع إبراهيـم القواعد من البـيت, وإذ يقول إسماعيـل: ربنا تقبل منا. فـيصير حيئنذٍ إسماعيـل مرفوعا بـالـجملة التـي بعده, و«يقول» حينئذٍ خبر له دون إبراهيـم .

ثم اختلف أهل التأويـل فـي الذي رفع القواعد بعد إجماعهم علـى أن إبراهيـم كان مـمن رفعها, فقال بعضهم: رفعها إبراهيـم وإسماعيـل جميعا. ذكر من قال ذلك:

1561ـ حدثنـي موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السدي: وَعَهِدْنَا إلـى إبْرَاهِيـمَ وَإسْمَاعِيـلَ أنْ طَهّرَا بَـيْتِـيَ للطّائِفِـينَ قال: فـانطلق إبراهيـم حتـى أتـى مكة, فقام هو وإسماعيـل وأخذا الـمعاول لا يدريان أين البـيت, فبعث الله ريحا يقال لها ريح الـخَجُوج, لها جناحان ورأس فـي صورة حية. فكنست لهما ما حول الكعبة, وعن أساس البـيت الأول, واتبعاها بـالـمعاول يحفران حتـى وضعا الأساس فذلك حين يقول: وَإِذْ بَوّأنا لابْرَاهِيـمَ مَكانَ البَـيْتِ. فلـما بنـيا القواعد فبلغا مكان الركن قال إبراهيـم لإسماعيـل: يا بنـي اطلب لـي حجرا حسنا أضعه ههنا قال: يا أبت إنـي كسلان تعب قال: علـيّ بذلك فـانطلق فطلب له حجرا فجاءه بحجر, فلـم يرضه, فقال: ائتنـي بحجر أحسن من هذا فـانطلق يطلب له حجرا وجاءه جبريـل بـالـحجر الأسود من الهند, وكان أبـيض ياقوتة بـيضاء مثل الثّغامة, وكان آدم هبط به من الـجنة فـاسودّ من خطايا الناس, فجاءه إسماعيـل بحجر فوجده عند الركن, فقال: يا أبت من جاء بهذا؟ فقال: من هو أنشط منك. فبنـياه.

1562ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن عمرو بن عبد الله بن عتبة, عن عبـيد بن عمير اللـيثـي, قال: بلغنـي أن إبراهيـم وإسماعيـل هما رفعا قواعد البـيت.وقال آخرون: بل رفع قواعد البـيت إبراهيـم, وكان إسماعيـل يناوله الـحجارة. ذكر من قال ذلك:

1563ـ حدثنا أحمد بن ثابت الرازي, قال: حدثنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن أيوب, وكثـير بن كثـير بن الـمطلب بن أبـي وداعة, يزيد أحدهما علـى الاَخر, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: جاء إبراهيـم وإسماعيـل يبري نَبْلاً قريبـا من زمزم. فلـما رآه قام إلـيه, فصنعا كما يصنع الوالد بـالولد, والولد بـالوالد, ثم قال: يا إسماعيـل إن الله أمرنـي بأمر, قال: فـاصنع ما أمرك ربك قال: وتعيننـي؟ قال: وأعينك. قال: فإن الله أمرنـي أن أبنـي ههنا بـيتا وأشار إلـى الكعبة, والكعبة مرتفعة علـى ما حولها. قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البـيت. قال: فجعل إسماعيـل يأتـي بـالـحجارة, وإبراهيـم يبنـي, حتـى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الـحجر فوضعه له, فقام علـيه وهو يبنـي, وإسماعيـل يناوله الـحجارة وهما يقولان: رَبّنا تَقَبلْ مِنّا إِنّكَ أنْتَ السمِيعُ العَلِـيـمُ حتـى دَوّرَ حول البـيت.

1564ـ حدثنا ابن بشار القزاز, قال: حدثنا عبـيد الله بن عبد الـمـجيد أبو علـيّ الـحنفـي, قال: حدثنا إبراهيـم بن نافع قال: سمعت كثـير بن كثـير يحدّث عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس قال: جاء يعنـي إبراهيـم فوجد إسماعيـل يصلـح نَبْلاً من وراء زمزم, قال إبراهيـم: يا إسماعيـل إن الله ربك

قد أمرنـي أن أبنـي له بـيتا فقال له إسماعيـل: فأطِعْ ربك فـيـما أمرك فقال له إبراهيـم: قد أمرك أن تعيننـي علـيه. قال: إذا أفعل. قال: فقام معه, فجعل إبراهيـم يبنـيه وإسماعيـل يناوله الـحجارة, ويقولان: رَبنا تَقَبّلْ مِنا إنكَ أنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ فلـما ارتفع البنـيان وضعف الشيخ عن رفع الـحجارة, قام علـى حجر فهو مقام إبراهيـم فجعل يناوله ويقولان: رَبنا تَقَبلْ مِنّا إنكَ أنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ.

وقال آخرون: بل الذي رفع قواعد البـيت إبراهيـم وحده وإسماعيـل يومئذ طفل صغير. ذكر من قال ذلك:

1565ـ حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى, قالا: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن حارثة بن مصرف, عن علـيّ, قال: لـما أمر إبراهيـم ببناء البـيت, خرج معه إسماعيـل وهاجر. قال: فلـما قدم مكة رأى علـى رأسه فـي موضع البـيت مثل الغمامة فـيه مثل الرأس, فكلّـمه فقال: يا إبراهيـم ابْنِ علـى ظلـي أو علـى قَدْري ولا تزد ولا تنقص فلـما بنى (خرج) وخـلف إسماعيـل وهاجر, فقالت هاجر: يا إبراهيـم إلـى من تَكِلُنا؟ قال: إلـى الله. قالت: انطلق فإنه لا يضيعنا. قال: فعطش إسماعيـل عطشا شديدا. قال: فصعدت هاجر الصفـا فنظرت فلـم تر شيئا, ثم أتت الـمروة فنظرت فلـم تر شيئا, ثم رجعت إلـى الصفـا فنظرت فلـم تر شيئا, حتـى فعلت ذلك سبع مرّات فقالت: يا إسماعيـل مُتْ حيث لا أراك فأتته وهو يَفْحَص برجله من العطش. فناداها جبريـل, فقال لها: من أنت؟ فقالت: أنا هاجر أمّ ولد إبراهيـم. قال: إلـى من وكلكما؟ قالت: وكلنا إلـى الله. قال: وكلكما إلـى كافٍ. قال: ففَحَص الأرض بأصبعه فنبعت زمزم, فجعلت تـحبس الـماء. فقال: دَعِيهِ فإنها رَوَاءٌ.

1566ـ حدثنا عبـاد, قال: حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن خالد بن عرعرة أن رجلاً قام إلـى علـيّ فقال: ألا تـخبرنـي عن البـيت؟ أهو أول بـيت وضع فـي الأرض؟ فقال: لا, ولكن هو أول بـيت وضع فـي البركة مقامُ إبراهيـم, ومن دخـله كان آمنا, وإن شئت أنبأتك كيف بنـي إن الله أوحى إلـى إبراهيـم أن ابْنِ لـي بـيتا فـي الأرض, قال: فضاق إبراهيـم بذلك ذرعا, فأرسل الله السكينة وهي ريح خَجُوجٌ, ولها رأَسان, فأتبع أحدهما صاحبه حتـى انتهت إلـى مكة, فتطوّتْ علـى موضع البـيت كتَطَوّي الـحَجَفَة, وأمر إبراهيـم أن يبنـي حيث تستقرّ السكينة. فبنى إبراهيـم وبقـي حجر, فذهب الغلام يبغي شيئا, فقال إبراهيـم: لا, ابغي حجرا كما آمرك قال: فـانطلق الغلام يـلتـمس له حجرا, فأتاه فوجده قد ركّب الـحجر الأسود فـي مكانه فقال:

يا أبت من أتاك بهذا الـحجر؟ قال: أتانـي به من لـم يتّكل علـى بنائك جاء به جبريـل من السماء. فأتـماه.

حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا سعيد, عن سماك, سمعت خالد بن عرعرة يحدّث عن علـيّ بنـحوه.

حدثنا الـمثنى, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا شعبة وحماد بن سلـمة وأبو الأحوص كلهم عن سماك, عن خالد بن عرعرة, عن علـيّ بنـحوه.

فمن قال: رفع القواعد إبراهيـم وإسماعيـل, أو قال رفعها إبراهيـم وكان إسماعيـل يناوله الـحجارة. فـالصواب فـي قوله أن يكون الـمضمر من القول لإبراهيـم وإسماعيـل, ويكون الكلام حينئذٍ: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيـمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَـيْتِ وَإسْمَاعِيـلُ يقولان: رَبّنا تَقَبّلْ مِنّا.وقد كان يحتـمل علـى هذا التأويـل أن يكون الـمضمر من القول لإسماعيـل خاصة دون إبراهيـم, لإبراهيـم خاصة دون إسماعيـل لولا ما علـيه عامة أهل التأويـل من أن الـمضمر من القول لإبراهيـم وإسماعيـل جميعا.وأما علـى التأويـل الذي روي عن علـيّ أن إبراهيـم هو الذي رفع القواعد دون إسماعيـل, فلا يجوز أن يكون الـمضمر من القول عند ذلك إلا لإسماعيـل خاصة.

والصواب من القول عندنا فـي ذلك أن الـمضمر من القول لإبراهيـم وإسماعيـل, وأن قواعد البـيت رفعها إبراهيـم وإسماعيـل جميعا وذلك أن إبراهيـم وإسماعيـل إن كانا هما بنـياهما ورفعاها فهو ما قلنا, وإن كان إبراهيـم تفرّد ببنائها, وكان إسماعيـل يناوله, فهما أيضا رفعاها لأن رفعها كان بهما من أحدهما البناء من الاَخر نَقْلُ الـحجارة إلـيها ومعونة وضع الأحجار مواضعها. ولا تـمتنع العرب من نسبة البناء إلـى من كان بسببه البناء ومعونته. وإنـما قلنا ما قلنا من ذلك لإجماع جميع أهل التأويـل علـى أن إسماعيـل معنـيّ بـالـخبر الذي أخبر الله عنه وعن أبـيه أنهما كانا يقولانه, وذلك قولهما: رَبّنَا تَقَبّلْ مِنّا إِنّكَ أَنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ فمعلوم أن إسماعيـل لـم يكن لـيقول ذلك إلا وهو إما رجل كامل, وإما غلام قد فهم مواضع الضرّ من النفع, ولزمته فرائض الله وأحكامه. وإذا كان فـي حال بناء أبـيه, ما أمره الله ببنائه ورفعه قواعد بـيت الله كذلك, فمعلوم أنه لـم يكن تاركا معونة أبـيه, إما علـى البناء, وإما علـى نقل الـحجارة. وأيّ ذلك كان منه فقد دخـل فـي معنى من رفع قواعد البـيت, وثبت أن القول الـمضمر خبر عنه وعن والده إبراهيـم علـيهما السلام.فتأويـل الكلام: وَإِذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيـمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَـيْتِ وَإِسْمَاعِيـلُ يقولان: ربنا تقبل منا عملنا وطاعتنا إياك وعبـادتنا لك فـي انتهائنا إلـى أمرك الذي أمرتنا به فـي بناء بـيتك الذي أمرتنا ببنائه إنك أنت السميع العلـيـم. وفـي إخبـار الله تعالـى ذكره أنهما رفعا القواعد من البـيت وهما يقولان: رَبّنا تَقَبّلْ مِنّا إِنّكَ أَنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ دلـيـل واضح علـى أن بناءهما ذلك لـم يكن مسكنا يسكنانه ولا منزلاً ينزلانه, بل هو دلـيـل علـى أنهما بنـياه ورفعا قواعده لكل من أراد أن يعبد الله تقرّبـا منهما إلـى الله بذلك ولذلك قالا: رَبّنا تَقَبّلْ منّا. ولو كانا بنـياه مسكنا لأنفسهما لـم يكن لقولهما: تقبل منا وجه مفهوم, لأنه كانا يكونان لو كان الأمر كذلك سائلـين أن يتقبل منهما ما لا قربة فـيه إلـيه, ولـيس موضعهما مسألة الله قبول, ما لا قربة إلـيه فـيه.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: إنّكَ أنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ. وتأويـل قوله: إِنّكَ أنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ إنك أنت السميع دعاءنا ومسألتنا إياك قبول ما سألناك قبوله منا من طاعتك فـي بناء بـيتك الذي أمرتنا ببنائه, العلـيـم بـما فـي ضمائر نفوسنا من الإذعان لك فـي الطاعة والـمصير إلـى ما فـيه لك الرضا والـمـحبة, وما نُبدي ونُـخفـي من أعمالنا. كما:

1567ـ حدثنـي القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج: أخبرنـي أبو كثـير, قال: حدثنا سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: تَقَبّلْ مِنّا إنّكَ أنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ يقول: تقبل منا إنك سميع الدعاء. – من تفسير الطبري لللآية الكريمة , .

الرابط : http://www.alumah.com/dersat/2005/der_1.html ] .

وذكر الأزرقيُّ في تاريخ مكة أيضاً  : [ أنَّ الخليل عليه السلام لما بنى البيتَ جعلَ طوله في السماء تسعة أذرع وجعل طولَه في الأرض من قِبَلِ وجه البيت الشريف إلى الركن الشامي اثنين وثلاثين ذراعًا، وجعل عرضه في الأرض من قِبَل الميزاب من الركن الشامي إلى الركن الغربي اثنين وعشرين ذراعًا، وجعل طوله في الأرض من جانب ظهر البيت الشريف من الركن الغربي المذكور إلى الركن اليماني إلى الحجر الأسود عشرين ذراعًا، وجعل الباب لاصقًا بالأرض غيرَ مرتفعٍ عنها، حتى جعل لها تُبّعٌ الحميري بابًا وغَلَقًا بعد ذلك ] .

وبالتالي لم تكن مكة آهلة بسكان أو عامرة من بعد طوفان نوح عليه السلام وما قبل سيدنا إبراهيم عليه السلام لقوله عز وجل : { رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ – إبراهيم37}  وهنا تهوي إليهم كما هوى سيدنا إبراهيم لهذا المكان بأمر الله تعالى و الدعوة  هنا خاصة لذرية سيدنا إبراهيم  وذريته ومن تولاهم  فلا يظن الناس أنها عامة لهم بغير ولاية آل بيت نبيهم  عليهم السلام وبالتالي هى خاصة  لمن جاورهم وتولاهم وناصرهم وأحبهم في الله عز و جل  قال تعالى عملاً بقوله تعالى  { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ – المائدة 55}

وهؤلاء المصطفين الأخيار الذين اصطفاهم الله تعالى بالنبوة والرسالة ثم اصطفى ذريتهم بالإمامة لا يقدم عليهم أحد ولا يقاتلهم ولا يطردهم من جزيرة العرب إلا ظالم  سارق لتراث وملك أنبياء الله تعالى وأهل بيت النبي محمد عليهم السلام ورثة الوصية الإبراهيمية وورثة الوحي الشرعيين أبناء أول مؤسس لجزيرة العرب نبي الله إبراهيم عليه السلام فرفع أركان الدولة الإسلامية ولده خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله بأمر الله وهنا أجاب الله دعوة   بدعوة سيدنا إبراهيم التي قال فيها {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ – البقرة129} .

ويقول ابن الأثير في كتابه الكامل عن تأسيس جزيرة العرب ودين الإسلام  بواسطة نبي الله إبراهيم عليه السلام :

[ لما ولد إسماعيل حزنت سارة حزناً شديداً فوهبها الله إسحاق وعمرها سبعون سنة ، فعمر إبراهيم مائة وعشرون سنة ، فلما كبر إِسماعيل لإسحاق اختصما فغضبت سارة على هاجر فأخرجتها ثم أعادتها فغارت منها ، فأخرجتها وحلفت لتقطعن منها بضة فتركت أنفها وأذنها لئلا تشينها ثم خفضتها فمن ثم خفض النساء ، وقيل كان إسماعيل صغيراً وإنما أخرجتها سارة غيرة منها وهو الصحيح ، وقالت سارة : لا تساكنني في بلد. لم فأوحى الله إلى إبراهيم أن يأتي مكة وليس بها يومئذ نبت ، فجاء إبراهيم  بإسماعيل وأمه هاجر فوضعهما بمكة بموضع زمزم ، فلما مضى نادته هاجر يا إبراهيم ! من أمرك أن تتركنا بأرض ليس فيها زرع ولا ضرع ولا ماء ولا زاد ولا أنيس ؟ قال ؟ ربي أمرني . قالت : فإنه لن يضيعنا .فلما ولى قال : { ربنَا إنك تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَمَا نُعْلن – إبراهيم 38}   يعني من الحزن ، – وقال :{ رَبنَا إنَي أسْكَنْتُ مِنْ ذُزيتي بوَادٍ غَيْر ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتكَ المُحَرم رَبنَا لِيُقِيْمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَل أفِئْدَةً مِنَ الناسِ تَهوِي إليهم – إبراهيم-37} فلما ظمئ إسماعيل جعل يدحض الأرض برجله فانطلقت هاجر حتى صعدت الصفا لتنظر هل ترى شيئاً فلم تر شيئاً فانحدرت إلى الوادي فسمعت حتى أتمت المروة فاستشرقت هل ترى شيئاً فلم تر شيئاً، ففعلت ذلك سبع مرار، فذلك م صل السعي ثم جاءت إسماعيل وهو يدحض الأرض بقدميه وقد نبعت العين وهي زمزم فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء وكلما اجتمع أخذته وجعلته في سقائها قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم  ” يرحمها الله لو تركتها لكانت عَيْناً سائحة.

وكانت جرهم بواد قريب من مكة ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء فلما رأت  جرهم الطير لزمت الوادي قالوا : ما لزمته إلا وفيه ماء ، فجاؤوا إلى هاجر فقالوا : لو شئت لكنا معك فآنسناك والماء ماؤك ؟قالت : نعم.فكانوا معها حتى شب إسماعيل وماتت هاجر فتزوج إسماعيل امرأة من جرهم فتعلم العربية منهم هو وأولاده فهم العرب المتعربة .واستأذن إبراهيم سارة أنْ يأتي هاجر فأذنت له وشرطت عليه أنْ لا ينزل فقدم وقد ماتت هاجر فذهب إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قالت ليس ههنا ذهب يتصيد وكان اسماعيل يخرج من الحرم يتصيد ثم يرجع . قال إبراهيم : هل عندك ضيافة ؟ قالت ليس عندي ضيافة وما عندي أحد . فقال إبراهيم : إذا جاء زوجك فاقرئيه السلام وقولي له : فليغير عتبة بابه . وعاد إبراهيم ، وجاء إسماعيل فوجد ريح أبيه فقال لامرأته : هل عندك أحد ؟ قالت : جاءني شيخ كذا وكذا كالمستخفة بشأنه ،، قال : فما قال لك ؟ قالت : قال : اقرئي زوجك السلام وقولي له : فليغير عتبة بابه فطلقها وتزوج أخرى . فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل ، فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قالت : ذهب ليتصيد وهو يجيء الآن إنْ شاء الله تعالى فانزل يرحمك الله فقال لها : فعندك ضيافة؟ قالت : نعم . قال : فهل عندك خبز أو بر أو شعير أو تمر؟ قال : فجاءت باللبن واللحم فدعا لهما بالبركة ولو جاءت يومئذ بخبز أو تمر أو بر أو شعير لكانت أكثر أرض الله من ذلك . فقالت : انزل حتى أغسل رأسك فلم ينزل فجاءته بالمقام بالإناء ، فوضعته عند شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه ، فبقي أثر قدمه فيه ، فغسلت شق رأسه الأيمن ، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر ، ففعلت به كذلك فقال لها : إذا جاء زوجك فاقرئيه عني السلام وقولي له : قد استقامت عتبة بابك ، فلما جاء اسماعيل وجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد؟ قالت : نعم : شيخ أحسن الناس وجهاً وأطيبهم ريحاً فقال لي : كذا وكذا وقلت له : كذا وكذا وغسلت رأسه وهذا موضع قدمه وهو يقرئك السلام ويقول : قد استقامت عتبة بابك قال : ذلك إبراهيم .وقيل : إِن الذي أنبع الماء جبرائيل فإنه نزل إلى هاجر وهي تسعن في الوادي فسمعت حسه فقالت : قد اسمعتني فأغثني فقد هلكت أنا ومن معي فجاء بها إلى موضع زمزم ، فضرب بقدمه ، ففارت عيناً فتعجلت فجعلت تفرغ في شنها فقال لها لا تخافي الظمأ . – الكامل ابن الأثير ج1 ص102- 105- ط الأعلمي – ط  طهران ] .

وهنا يتبين لنا أن أول جوار لأهل البيت عليهم السلام كان من قبيلة جرهم التي تزوج منها سيدنا إسماعيل عليه السلام وتعلم منهم العربية ثم طردوا ذرية إسماعيل بعد ذلك من الحرم فسط الله عليهم العماليق وبدأت العرب دوامة الحرب والتقاتل والثأر فيما بينهم حتى حرب داحس والغبراء والأوس والخزرج وغيرها من حروب العرب الثأرية  ولكنها ما إن ظهر الإسلام حتى أخذت تتلبس هذه الحروب ثوب الإسلام لوضع المنافقين الكثير من المكذوبات في دين الله تعالى

 ولإحكام الأمر الإلهي الذي يثبت للعالمين أن تأسيس مكة والحجاز بل وكل جزيرة العرب كان من خلال بناء بيت الله الحرام  ليس موكولاً لأحد رفادته ولاسدانته ولا القيام على رعاية بيته تعالى إلا أهل البيت الإبراهيمي عليهم السلام وذلك لأن الله تعالى قال في مؤسسي جزيرة العرب :  { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ – البقرة 127} .

 

 

 

ذكر عمارة البيت الحرام  بمكة  المكرمة

 

 

 

 

 

 

يقول ابن الأثير في كتابه الكامل :

 [ قيل : ثم أمر الله إبراهيم ببناء البيت الحرام فضاق بذلك ذرعاً فأرسل الله السكينة وهي ريح خجوج وهي اللينة الهبوب لها رأسان ، فسار معها إبراهيم حتى انتهت إلى موضع البيت فتطوت عليه كتطوي الحجفة فأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة فبنى إبراهيم .وقيل : أرسل الله مثل الغمامة له رأس فكلمه ، وقال : يا ابراهيم ، ابن على ظلي أو على قَدْرِي ، لا تزد ولا تنقص ، فبنى .وهذان القولان نقلا عن علي (عليه السلام) ، وقال السدي : الذي دله على موضع البيت جبريل فسار إبراهيم إلى مكة فلما وصلها وجد إسماعيل يصلح نبلاً له وراء زمزم فقال له : يا إسماِعيل ، إن الله قد أمرني أن ابني له بيتاً . قال اسماعيل : فأطع ربك ؟ فقال ابراهيم : قد أمرك أن تعينني على بنائه . قال : إذن أفعل . فقام معه فجعل إبراهيم يبنيه لإسماعيل يناوله الحجارة . ، ثم قال إبراهيم لاسماعيل : ائتني بحجر حَسَن أضعه -.جملى الركن فيكون للناس علماً.فناداه أبو قبيس : إن لك عندي وديعة وقيل : بل جبريل أخبره بالحجر الأسود فأخذه ووضعه موضعه وكان كلما بنيا دعوا الله { رَبنَا تَقَبلْ مِنا، إنَّك أنْتَ السمْيعُ العَلِيمْ – البقرة127} فلما ارتفع البنيان وضعف الشيخ عن رفَع الحجارة،قام علن حجرٍ وهو مقام إبراهيم فجعل يناوله ، فلما فرغ من بناء البيت أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج ، فقال إبراهيم : يا رب ؟ وما يبلغ صوتي ؟ قال : أذن وعلي البلاغ ، فنادى : ” أيها الناس ! إن الله قد كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فسمعه ما بين السماء والأرض وما في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فأجابه من آمن ممن سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة فأجيب لبيك لبيك .ثم خرج بإسماعيل معه إلى التروية فنزل به منى وبمن معه من المسلمين فصلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة ثم بات حتى أصبح فصلى بهم الفجر ،ثم سار إلى عرفة فقام بهم هناك حتى إذا مالت الشمس جمع بين الصلاتين الظهر والعصر ، ثم راح بهم إلى الموقف مِنْ عرفة الذي يقف عبيه الإمام ، فوقف به علن الأراك ، فلما غربت الشمس دفع به ومن معه حتى أتى المزدلفة ، فجمع بها الصلاتين المغرب والعشاء الآخرة ، ثم بات بها ومن معه حتى إذا طلع الفجر صلى الغداة ، ثم وقف على قزح حتى إذا أسفر دفع به وبمن معه يريه ويعلمه كيف يصنع حتى رمى الجمرة وأراه المنحر ، ثم نحر وحلق وأراه كيف يطوف ، ثم عادبه إلى منى ليريه كيف م رمى الجمار حتى فرغ من الحج وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبرائيل هو الذي أرى إبراهيم  كيف يحج ورواه عنه ابن عمر ولم يزل البيت على ما بناه إبراهيم عليه السلام إلى أن هدمته قريش سنة خمس وثلاثين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم على ما نذكره إن شاء الله تعالى . – الكامل ابن الأثير ج1 ص106-107 ] .

وهنا تثبت لنا نصوص القرآن والتاريخ  أن باني مكة ومؤسسها نبينا إبراهيم وإسماعيل ابنه عليهما السلام بأمر ووحي وتوجيه إلهي وبمواصفات محددة وورث سدانة الكعبة وفادة الحجيج ورعايتهم آباء رسول الله صلى الله عليه وآله وبالتالي لا شأن لهم بعبادة الأصنام كما ادعى المنافقون من قبل أو ورثتهم الآن أعداء رسول الله وأهل بيته عليهم السلام ممن يزعمون التمسك بطريق السلف الصالح .

ووصى سيدنا إبراهيم عليه السلام بأمر من الله تبارك وتعالى بأن تكون مسؤولية هذا الدين في ذريته إلى يوم القيامة وليس غيرهم هو المسؤول عن الدين والمقدسات فهم ورثة هذا الوحي وهم أعلم به كما  قال صلى الله عليه وآله فيهم ” ولا تعلموهم فهم أعلم منكم “.

وإن كان ذلك أمر الله في ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله  فما بالنا بمن قتلهم وطردهم من مكة والمدينة والحجاز إلى العراق وإيران ومصر وسائر الأقطار وزعموا بأن آباء رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا كفاراً يعبدون الأوثان وهذا إفك مفترى ولم يثبت عليهم ذلك بل ثبت رعايتهم للبيت الحرام ورفادة وسدانة الكعبة  وبعد تلك المفتريات على أهل بيت النبي (ص)  وتجريد السيف فيهم كما فعلت اليهود في أنبياء الله عليهم السلام  يزعمون أنهم مسلمون  !!.

 

 

نبع ماء زمزم من تحت أقدام سيدنا إسماعيل

وهى أصل الحياة في مكة المكرمة :

 

وبدأ الله تعالى تنفيذ قدره وإجابة دعوة إبراهيم عليه السلام الذي ترك زوجته هاجر بالصحراء وطفلها بلا زرع ولا ماء فنبعت عين زمزم وتفجرت من تحت أقدام سيدنا إسماعيل  فتعلمت القبائل والدول وكل المسلمين مناسكهم من نبي الله إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام والسيدة هاجر المسلمة المصرية فتعلم الناس منهم مناسك الحج والطواف والاغتسال و التطهر من ماء زمزم المبارك ودين الله تعالى وأراد الله تعالى أن يخبرنا ذلك فأوحى لنبيه خاتم النبيين بذلك الأمر وماكان حاضراً في تلك المواقف كما قال تعالى له في قصة كفالة السيدة مريم عليها السلام { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ – آل عمران44} .

أي ما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله أن يعلم ذلك إلا بوحي أوحاه الله تعالى إليه أو بمخطوطات تاريخية دمرها آل سعود بمكتبة الحرم لما قتلوا أهل الحجاز على أنهم كفار فضموا إليهم مملكة الحجاز ليبدلوا ويغيروا اسم جزيرة العرب إلى مملكة سعود أبيهم وبدلاً من أن تكون مكة قبلة المسلمين عاصمة لبلادهم  أو المدينة المنورة أعماهم الله تعالى فاتخذوا  من مدينة مسيلمة الكذاب عاصمة لهم (الرياض) ومنها يخرج قرن الشيطان كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله .

يقول الأزرقي في كتابه تاريخ مكة الجزء الأول عن ماء زمزم ونبعه بإذن الله من تحت أقدام نبي الله إسماعيل ومن ذريته سيدنا محمد خاتم النبيين عليهم السلام :

[ أوحى اللهُ تعالى إلى إبراهيم عليه السلام أنْ يأتيَ بهاجر وولدها إسمعيل إلى مكة، فأتى بهما، وأمر هاجر أنْ تتخذَ عريشًا، ثمَّ انصرف فتبعته وسألته: ءالله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذًا لا يضيّعنا. ونفد ما كان معها من الماء، فعطشت وعطش ولدُها، فنظرت إلى الجبل فلم ترَ داعيًا ولا مُجيبًا، فصعِدت على الصفا، فلم تر أحدًا، ثم هبَطَت وعينُها على ولدها، حتى نزلتْ في الوادي، وغابت، فهرولت حتى صعِدت من الجانب الآخر، فرأته، واستمرت إلى أنْ صعِدت إلى المروة، فما رأت أحدًا، وفعلت ذلك سبعَ مرات، ثمَّ عادت إلى ولدِها، وقد نزلَ جبريل عليه السلام فضرب موضعَ زمزم بجناحه فنبع الماء، فبادرت هاجر إليهِ وحبستْه من السيلان كي لا يضيع الماء . ولِمَاء زمزم من الشرف والخواصّ والمزايا ما لا يوجد لغيره من مياه الأرض، ففي المستدرك للحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا :” ماء زمزم لمَا شُرِبَ له”. وقد فصّلت كتب الحديث والتاريخ فضائلَه. – تاريخ  مكة للأزر قي – الجزء الأول ].

 

جرهم أول من ظلم أهل بيت النبي عليهم السلام

 

 وبعد موت نابت ابن إسماعيل عليهما السلام مباشرة بدأ  ظلم أهل بيت النبي إبراهيم عليهم السلام وإلى الآن  فقهرتهم جرهم وتولت البيت بغير إذن ولا أمر من الله تعالى بل وأدخلوا فيها لأصنام يقول المسعودي في كتابه مروج الذهب : [ ولما قُبض إسماعيل قام بالبيت بعده نابت بن إسماعيل، ثم قام من بعده أناس من جُرْهم، لغلبة جرهم على ولد إسماعيل، وكان ملك جُرْهم يومئذ الحارث بن مُضَاض، وهو أول من ولي البيت، وكان ينزل هناك في الموضع المعروف بقُعَيْقعَان في هذا الوقت، وكان كل من دخل مكة بتجارة عَشَّرَها عليه وذلك في أعلى مكة، وملك العماليق السَّمَيْدَع بن هو بن لاوى بن قبطور بن كركر بن حيد وكان ينزل أجيادا من أسفل مكة، وكان يُعَشَرُ من دخل مكة من ناحيته، وكانت بينهم حروب، فخرج الحارث بن مُضَاض ملك جرهم تتقعقع معه الرماح والدرق، فسمى الموضع بقعيقعان لما ذكرنا، وخرج السميدع ملك العماليق ومعه الجياد من الخيل فعرف الموضع بأجياد إلى هذا الوقت، فكانت على الجرهميين وافتضحوا، فسمى الموضع فاضحاً إلى هذا الوقت، ثم اصطلحوا ونجروا الجُزُرَ وطبخوا فسمي الموضع بطابخ إلى الآن، وصارت ولاية البيت إلى العماليق، ثم كانت لجرهم عليهم، وأقاموا ولاة البيت نحو ثلثمائة سنة، وكان آخر ملوكهم الحارث بن مُضَاض الأصغر بن عمرو بن الحارث بن مُضَاض الأكبر، وزاعوا فيِ بناء البيت، ورفعته على ما كان عليه من بناء إبراهيم عليه السلام، وبغتْ جرهم في الحرام وطَغَتْ، حتى فسق رجل منهم في الحرم بامرأة، وكان الرجل يدعى بإساف والمرأة نائلة، فمسخهما اللّه عز وجل حجرين صُيِّرا بعد ذلك وثنين وعُبِدَا تقربا بهما إلى الله تعالى، وقيل: بل هما حجران نحتا ومُثِّلا بمن ذكرنا وسميا بأسمائهما، فبعث اللّه على جرهم الرُّعَاف والنمل وغير ذلك من الآفات فهلك كثير منهم، وكثر ولد إسماعيل وصاروا ذوي قوة ومَنَعَة فَغَلَبوا على أخوالهم جرهم وأخرجوهم من مكة، فلحقوا بجُهينة، فأتاهم في بعض الليالي السيل فذهب بهم، وكان الموضع يعرف بإضم،- مروج الذهب ج2 ص49 – ط المكتبة العصرية بيروت ] .

 

عبادة الأصنام بعد تنحية أهل البيت الإبراهيمي

عن بيت الله الحرام  

 

يقول ابن إسحاق في السيرة النبوية :[ وصارت خزاعة بعد جرهم ولاة البيت والحكام بمكة كما تقدم . وكان كبير خزاعة عمرو بن لحي ، وهو ابن بنت عمرو بن الحارث الجرهمي آخر ملوك جرهم المتقدم ذكره . وقد بلغ عمرو بن لحى فى العرب من الشرف ما لم يبلغه عربي قبله ولا بعده في الجاهلية. وهو أول من أطعم الحج بمكة سدائف الإبل ولحمانها على الثريد.

وفي كلام بعضهم : صار عمرو للعرب ربا، لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شِرعة، لأنه كان يطعم الناس ويكسوهم في المرسم ، وربما نحر لهم في الموسم عشرة آلاف بدنة وكسا عشرة آلاف حلة .

وهو أول من غير دين إبراهيم : فقد قال بعضهم : تضافرت نصوص العلماء على أن العرب من عهد إبراهيم استمرت على دينه : أي من رفض عبادة الأصنام إلى زمن عمرو ابن لحي ، فهو أول من غير دين إبراهيم ، وشرع للعرب الضلالات ، فعبد الأصنام ، وسيب السائبة وبحَّر البحيرة.

وعمرو أول من وصل الوصيلة، وحمى الحامي ، ونصب الأصنام حول الكعبة وأتى بهُبل من أرض الجزيرة ونصبه في بطن الكعبة فكانت العرب تستقسم عنده بالأزلام .

وأول من أدخل الشرك في التلبية، فإنه كان يلبي بتلبية إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، وهى ” لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، فعند ذلك تمثل له الشيطان فى صورة شيخ يلبي معه ، فلما قال عمرو لبيك لا شريك لك ، قال له ذلك الشيخ : ” إلا شريكا هو لك “، فأنكر عمرو ذلك، فقال ، فقال له ذلك الشيخ : ” تملكه وما ملك “، وهذا لا بأس به ، فقال ذلك عمرو، فتبعته العرب ذلك : أي فيوحِّدونه بالتلبية، ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده ، قال تعالى توبيخا لهم {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ }  [يوسف:106]

وهو أول من أحل أيضا أكل الميتة، فإن كل القبائل من ولد إسماعيل لم تزل تحرم أكل الميتة حتى جاء عمرو بن لحى فزعم أن الله تعالى لا يرض تحريم أكل الميتة، قال : كيف لا تأكلون ما قتل اللّه وتأكلون ما قتلتم ؟

وروى البخاري أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في قال : ” رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً، ورأيت عمراً يجر قُصبه فى النار ، وفى رواية ( أمعاءه ) أي وهى المراد بالقُصب بضم القاف .

وفى رواية ” رأيته يؤذي أهل النار بريح قُصبه “.

وقال صلى  الله عليه وسلم لأكثم بن الجون الخزاعى واسمه عبد العزى وأكثم بالثاء المثلثة : وهو في اللغة واسع البطن ” يا أكثم رأيت عمرو بن لحى يجر قصبه في النار، فما رأيت رجلا أشبه من رجل منك به ولا بك منه ، فقال أكثم : فعسى أن يضرني شبهه يا رسول اللّه ، قال لا، إنك مؤمن وهو كافر، إنه أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان ”

فإن العرب من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام استمرت على دينه لم يغيره أحد إلى عهد عمرو بن لحي . ، ويقال إن عمرو بن لحي هو الذي نصب مناة على ساحل البحر مما يلي قديد، وكانت الأزد يحجون إليه ويعظمونه ، وكذلك الأوس والخزرج وغسان .- سيرة ابن هشام الجزء الأول ] .

 

وهنا عبدت الأصنام بمكة

 بعد أن تولت الأمة غير الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام

 

 الواضح من بين ثنايا كتب السير والتواريخ  أن أولاد إبراهيم عليه السلام من إسماعيل كانوا على حنيفيته عليه السلام حتى بعث الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله

كما قال تعالى  {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ – النحل123} . في هذا الوقت تولى بأمر الله تعالى وإذنه النبوة أبناء  يعقوب باختيار واصطفاء إلهي فمال عليهم بني إسرائيل بالسف قتلاً وتشريداً كما قال تعالى فيهم  : { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ البقرة 91} فتحرفت اليهودية والمسيحية  وعبدت العرب الأصنام وأدخلوها الكعبة بعد قهر أولاد إبراهيم من فرع إسماعيل عليهم السلام ولذلك قال تعالى في إحلال النبوة بالفرع الإسماعيلي بعد كفر بني إسرائيل بالكتاب وقتلهم الأنبياء { أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ – الأنعام89 } وهؤلاء هم أولاد إسماعيل ومنهم خاتم الأنبياء سيدنا محمد ثم إمامة أهل بيته من بعده .

 

ومن خلال تلك الوصية كان اهتمام أولاد إبراهيم عليه السلام من نابت ابن إسماعيل عليهما السلام إلى بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله ليس لهم اهتمام إلا بإقامة الدين والعمل بالوصية التي أوصاهم بها ابيهم نبي الله إبراهيم عليه السلام وانصب هذا الاهتمام في تزيين الكعبة في الجاهلية وتحليتها بالذهب والفضة ورعايتها وسدانتها وإطعام الحجيج وسقايتهم والإقامة على راحتهم  وذكر ذلك الأزرقي في كتابه تاريخ مكة الجزء الأول , .

 

وليس في ذلك كفراً كما زعم المنافقون أو من تولاهم ممن قال بقولهم وحكم بكفر آباء رسول الله صلى الله عليه وآله في تعارض تام مع قوله تعالى { إن الله اصطفى آدم ونوحاُ وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض }  وبالتالي كل آباء رسول الله صلى الله عليه وآله على عموم القاعدة مسلمون  وبالتالي مقولة أبي وأباك في النار موضوعة لتعارضها مع القرآن الكلايم والسنة النبوية لقوله  صلى الله عليه وآله أيضاً ” أنا خيار من خيار ” وآبائه صلى الله عليه وآله بنص الحديث مبرؤون ونسائهم من سفاح الجاهلية  وشركها  قال صلى الله عليه وآله  مازلت اتقلب بين الارحام الطاهرة والاصلاب النقية حتي ولدتني امي ) .

 

 

وذلك لأنهم كانوا ينفذون  الوصية الإبراهيمية التي قال فيها لبنيه { يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } .

والإقامة على تلك الوصية  من أولاد إسماعيل (ع) في جزيرة العرب كانت شيمتهم يتوارثها الأبناء عن الآباء فتوارثوا من أبيهم إبراهيم وإسماعيل  مكارم الأخلاق ورعاية بيت الله الحرام كما في الآثار وكتب التاريخ التي تثبت تمسك البيت المحمدي الهاشمي بوصية سيدنا إبراهيم عليه السلام

 

 كما يلي :

(1) تحلية الكعبة الشريفة بالذهب والفضَّة :

[  أول من حلَّى الكعبةَ في الجاهليةِ عبد المطلب جدّ النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم بالغزالتين الذهب اللتين وجدَهما في بئر زمزم لمَّا حفرَها، وقال:” أول منْ ذهَّبَ البيتَ في الإسلام عبد الملك بنُ مروان”. وذكر غيرُه ما يقتضي خلاف ذلك فقال المُسبِّحي:” أوَّل من حلَّى البيت عبد الله بن الزبير، جعل على الكعبة وأساطينِها صفائحَ الذهب، وجعل مفاتيحَها من الذهب”. وذُكِرَ أنَّ الوليد بن عبد الملِك بعث إلى واليه على مكة خالد بن عبد الله بستة وثلاثين ألف دينار يضرب بها على باب الكعبة صفائح الذهب، وعلى ميزاب الكعبة، وعلى الأساطين التي في جوف الكعبة، وعلى أركانها من الداخل”.- كتاب تاريخ مكه للأزرقي – ج1]

  • تجديد قصي ابن كلاب جد النبي لها صلى الله عليه وآله :

قال الأزرقي في كتابه تاريخ مكة الجزء الأول الكعبة في الجاهلية :

[ ثمَّ جدَّد قصي بن كلاب جَدّ النبي صلى اللهُ عليه وسلم بناءَ الكعبة، وقد ذكر الزبير بن بكار أنَّ قصي بن كلاب لما ولي أمر البيت جمع نفقة ثمَّ هدم الكعبة، فبناها بنيانًا لم يبنهِ أحد ممن بناها قبله .

وأمَّا بناء قريش فقد ذكر الحافظ الصالحيّ الشاميّ في كتابه “سبيل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد”: أنَّ امرأةَ عبد المطلب جمَّرت الكعبة بالبخور فطارت شرارة من مجمَرِها في ثيابِ الكعبة فاحترق أكثرُ خشبها ، ودخلَها سيل عظيم فصدّع جدرانها فأُعيد بناؤها ، حيث اقتسمت قريش جوانبَ البيت . وكان رسول اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ينقل معهم الحجر، ثمَّ اختلفوا في من يجعل الحجر الأسود مكانَه، حتى اتفقوا على أنَّ أول داخل من باب الصفا يكون له ذلك، وكان أول داخل هو رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم ، فلمَّا رأوه قالوا: هذا محمدٌّ الأمين. ورضوا حُكمَه، فقال صلى اللهُ عليه وسلم: هلمَّ إلي ثوبًا. فأتي به فأخذ الحجرَ الأسود فوضعه فيه بيدِه ثم قال: ليأخذْ كبير كلِّ قبيلة بطرفٍ من هذا الثوب، فحملوه جميعًا وأتوْا به ورفعوه إلى ما يحاذي موضعَه، فتناوله رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم ووضعه بيدِه الشريفة في محلّه. – تاريخ مكة للأزر قي الجزء الأول ] .

  • ومما يؤثر عن قُصيِّ :

يقول ابن هشام في السيرة النبوية :

[  من أكرم لئيما أشركه في لؤمه . ومن استحسن قبيحا نزل إلى قبحه .

ومن لم تصلحه الكرامة أصلحه الهوان . ومن طلب فوق قدره استحق الحرمان. ولما احتضر قال لأولاده :

. اجتنبوا الخمر، فإنها تفسد الأذهان .

وحاز قُصيِّ شرف مكة كله ،. فكان بيده السقاية والرفادة والحجابة والندوة واللواء والقيادة . وكان عبد الدار أكبر أولاد قُصَىّ وعبد مناف أشرفهم : أي لأنه شرف في زمان أبيه فُصَىّ، وذهب شرفه كل مذهب ، كذلك كان أخوه المطلب ، كان يقال لهما البدران ، وكانت قريش تسمى عبد مناف الفياض لكثرة جوده ، فأعطى قُصيِّ ولده عبد الدار جميع تلك الوظائف التي هي السقاية والرفادة والحجابة والندوة واللواء والقيادة.- السيرة النبوي لابن هشام الجزء الأول ] .

  • هاشم سمى هاشما لأنه أول من هشم الثريد بعد جده إبراهيم عليه السلام  ،:

قال ابن هشام في السيرة النبوية ج1 [  فإن إبراهيم أول من فعل ذلك . أي ثرد الثريد وأطعمه للمساكين، وفيه أن أول من ثرد الثريد وأطعمه بمكة بعد إبراهيم جد هاشم ” قصي “. وقال ايضاً :

[وكان هاشم بعد أبيه عبد مناف على السقاية والرفادة، فكان يعمل الطعام للحجاج ، يأكل منه من لم يكن له سعة ولا زاد، ويقال لذلك الرفادة .

واتفق أنه أصاب الناس جدب شديد فخرج هاشم إلى الشام ، وقيل بلغه ذلك وهو بغزة من الشام ، فاشترى دقيقاً وكعكاً وقدم به مكة في الموسم ، فهشم الخبز والكعك ونحر الجزر وجعله ثريدا، وأطعم الناس حتى أشبعهم؛ فسمي بذلك هاشما. وكان يقال له أبو البطحاء وسيد البطحاء ففي الإمتاع : وقصى أول من ثرد الثريد وأطعمه بمكة. وفيه أيضا هاشم عمرو العلا، أول من أطعم الثريد بمكة،.- سيرة ابن هشام ج1  ]

(4) وأما عن عبادتهم التي توارثوها :

 

ورد في السنة  النبوية المطهرة نصوصاً تثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان على حنيفية إبراهيم عليه السلام يصلي فيأتم به أمير المؤمنين علي والسيدة خديجة عليهما السلام فيصلِّيان خلفه صلى الله عليه وآله ، وعلى مرأى من الناس ، قبل نزول الوحي  ولم يكن على وجه الأرض من يصلِّي تلك الصلاة غير هذا البيت الإبراهيمي .

[ عن عفيف بن قيس ، قال : كنتُ جالساً مع العبَّاس بن عبد المطَّلب رضي الله عنه بمكة قبل أن يظهر أمرُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء شاب فنظر إلى السماء حيث تحلَّقت الشمس ، ثم استقبلَ الكعبة فقام يصلي ، ثم جاء غلامٌ فقام عن يمينه ، ثم جاءت امرأةٌ فقامت خلفهما ، فركع الشاب فركع الغلام والمرأة ، ثم رفع الشاب فرفعا ، ثم سجد الشاب فسجدا ، فقلت : يا عبَّاس ، أمر عظيم ، فقال العبَّاس : أمر عظيم ، فقال : أتدري من هذا الشاب ؟ هذا محمَّد بن عبد الله ـ ابن أخي ـ أتدري من هذا الغلام ؟ هذا علي بن أبي طالب ـ ابن أخي ـ أتدري من هذه المرأة ؟ هذه خديجة بنت خويلد. إنَّ ابن أخي هذا حدَّثني أنَّ ربَّه ربُّ السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ، ولا والله ما على ظهر الأرض على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة ، قال عفيف : ليتني كنتُ رابعاً وبقي هؤلاء الثلاثة على هذا الدين ، يتكتمون من الناس أياماً طوالاً ، رجع في بعضها علي إلى أبيه بعد عودته من بعض الشعاب ، حيث كان يتعبَّد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا بني : ما هذا الدين الذي أنت عليه ؟ أجاب : يا أبه! آمنت بالله وبرسوله وصلَّيتُ معه – تاريخ الطبري ج 2 ص 56 ـ 57 ] .

وعن كيفية هذه الصلاة وشكلها قبل نزول الوحي  : [ عن حكيم مولى زاذان قال : سمعت عليا يقول : صليت قبل الناس سبع سنين، وكنا نسجد ولا نركع، وأول صلاة ركعنا فيها صلاة العصر- شرح ابن أبي الحديد ج3 ص 258 ] .

وتثبت النصوص أن عبد المطلب كان على دين إبراهيم عليه السلام أيضا  في الجاهلية. يقول زيني دحلان في كتابه السيرة الحلبية : [ بعد موت هاشم ساد ابنه عبد المطلب على قومه ، وكان يدعى شيبة الحمد، لكثرة حمد الناس له، ويقال له الفيّاض لجوده، وهو يطعم طير السماء، وكان يرفع مائدة للطير، ومائدة للوحوش على رؤوس الجبال، وهو حليم قريش و حكيمها، وكان سيّدا، مطاعا – السيرة الحلبية ج 1، ص 4 ] .

وكان لعبد المطلب كرامات موروثة عن  نبي الله إبراهيم عليه السلام توارثها هو وذريته من بعده كما في هذا الخبر : [ تتابعت على قريش سنون عجاف، و بناء على اقتراح رقيّة بنت أبي صيفي بن هاشم، خرج عبد المطلب و جميع ولده ، وخرج معه من كل بطن من بطون قريش رجل، فتطهروا وتطيّبوا، واستلموا الركن ثمّ راحوا إلى رأس أبي قيس، وتقدّم عبد المطلب فاستسقى، وأمّن ومن معه خلفه والنبي صلى الله عليه وآله معهم، فقال عبد المطلب: اللهم هؤلاء عبيدك وبنو عبيدك وإماؤك وبنات إمائك، فقد نزل بنا ما ترى، وتتابعت علينا السنون، فذهبت بالظلف والخفّ، وأشفت على الأنفس، فأذهِبْ عنّا هذا الجدب، و آتنا بالحيا والخصب. فما برحوا مكانهم حتى سالت الأودية. وبذلك تقول رقيّة بنت أبي صيفي: بشيبة الحمد أسقى اللهُ بلدتَنا ـــــ وقد فقد الحيا واجلوَّز المطر-  راجع تاريخ الطبرى ج 2، ص 176 و 177 و 179& والطبقات الكبرى لابن سعد ج 1 ] . وكان عبد المطلب يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثّهم على مكارم الأخلاق، و ينهاهم عن دنيات الأمور، وكان يقول: [ لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم الله منه، وتصيبه عقوبة،… إن وراء هذه الدار دار يجزى فيها المحسن باحسانه و يعاقب فيها المسيء بإساءته،و كان قد  رفض عبادة الأوثان، ووحّد الله سبحانه وتعالى- السيرة الحلبية ج 1، ص 4; وتاريخ الطبرى ج 2، ص 179 ] .

وكان مما ورثه جيلاً بعد جيل من بعد وصية إبراهيم لبنيه وحكى عنها القرآن الكريم : [ الوفاء بالنذر، ومنع نكاح المحارم وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموؤدة، وتحريم الخمر والزنا، وأن لا يطوف في البيت عريان، وكان يكرم الجار، ويرعى الذمام. فقد قاطع حرب بن أمية لأنه قتل جاره اليهودي، وترك منادمة حرب، ولم يفارقه حتى أخذ منه مئة ناقة، دفعها لابن عم اليهودي حفظا لجاره –  السيرة الحلبية ج 1، ص 4 ] .

[ وكان له أمر السقاية والرفادة، وهو الذى كشف ماء زمزم ، واستخرج ما كان مدفونا فيها ، مجسّمتين لغزالين من الذهب وأسيافاً، فجعل الأسياف بابا للكعبة، وضرب على الباب الغزالين، فكان أول حليته ذهبا… وكان يحرّم أكل الميتة –  السيرة الحلبية ج 1، ص 4; والطبقات لابن سعد ج 1، ص 83 و 84 و 85 و تاريخ الطبرى ج 1، ص 179 ] .

 (5) كسوة السادة الأشراف للكعبة قبل الإسلام وبعده :

يقول الأزرقي في كتابه تاريخ مكة : [كُسيت الكعبةُ في الجاهلية أنواعًا من الكِسِيّ، منها المعرفر وهو اسم بلد سميت به الثياب المعافرية التي تصنع فيه، والمَلاء ومفردها ملاءة وهي ثوبٌ ليّن رقيق، والوصائِل ومفردها وَصيلة وهي ثوبٌ أحمر، مخطط يمانيّ. وقد روى ابن هشام نقلاً عن ابن إسحق أن تُبّعًا أولُ من كسا البيت وأوصى به ولاتَه من جُرهم وأمرهم بتطهيرِه، وجعل له بابًا ومِفتاحًا.

وذكر ابن جريج أنَّ تُبَّعًا أول من كسى الكعبة كِسوةً كاملة، وذكر السهيلي أنَّه كساهاالمُسوحَ والأنطاع. والمسوح جمع مِسْحٍ وهو ثوب من الشعر، أمَّا الأنطاع فهو جمع نِطْعٍ وهو بساط من الجلد، ومن قوله حين كسى البيت:

وكسونا البيتَ الذي حرَّم الله … ملاء مُعْضَدًا وبرودا

فأقمنا بهِ من الشهرِ عشرًا … وجعلنا لبابِه إقليدا

ثم سِرنا عنه نؤمُّ سهيلاً … فرفعنا لواءَنا معقودا

وقال الأزرقيّ أيضاً : كسى النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم الكعبةَ الثيابَ اليمانية، ثم كساها عمر وعثمان رضي الله عنهما القَمَاطِيّ، وكانت تكسى الديباجَ بعد ذلك. وقال أيضًا كانت الكعبة تكسى كلَّ سنة مرتين، فتكسى أولاً الديباج قيمصًا يُدلى عليها يوم التروية ولا يُخاط، وتُترك الأُزُر حتى يذهبَ الحاج لئلاَّ يمزقوه فإذا كان يوم عاشوراء علّقوا عليها الإزار وأوصلوها بالقميصِ الديباج فلا يزالُ عليها إلى يوم السابع والعشرين من رمضان فتُكسى الكِسوة الثانية وهي من القَمَاطي.

فلما كانت خلافة المأمون أمر أن تُكسى الكعبةَ ثلاثً مراتٍ كل سنة، فتكسى الديباجَ الأحمرَ يوم التروية، وتكسى القماطي أول رجب، وتكسى الديباجَ الأبيضَ في عيد رمضان، ثم أمر أنْ تكسى إزارًا ءاخرَ على عيدِ رمضان. ثم بلغَ المتوكلَ على الله إنَّ الإزار يبلى قبل شهرِ رجب من كثرةِ مسّ أيادي الناس فزادها إزارًا، وأمر بإسبال قميصِ الديباجِ الأحمرِ إلى الأرض ثم جعل فوقَه في شهرين إزارًا، وذلك في سنة 240 للهجرة.

ثم بعد خلفاء بني العباس وأيام وَهْنِهِم وضعفهم كانت كِسوةُ الكعبةِ تارةً من قِبَل سلاطين مصر، وتارةً من قِبل سلاطين اليمن واستقرَّت الكسوة الشريفة بعد ذلك من سلاطينِ مصر إلى أنْ اشترى السلطانُ الملك الصالحُ قلاوون قريتيْنِ بمصر وأوقفهما على عملِ الكسوة واسمها “يَبْسُوس” و “سَنْدَبيس”؛ ثمَّ استمرتْ سلاطين مصر من بعدِه ترسل كسوةَ الكعبة في كلّ عام، وكانوا يرسلون عند تجدُّدِ كلّ سلطان مع كسوةِ الكعبةِ التي تُكسى من ظاهر البيت الشريف كسوةً حمراءَ لداخل البيت الشريف، وكسوةً خضراء للحجرة النبوية الشريفة على ساكنها أفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم. فلما ءالت الخلافة إلى سلاطين بني عثمان جهَّز السلطانُ سليم خان كسوةَ الكعبة داخلاً وخارجًا، وكسوةَ المدينة على ما جرتْ به العادة، وأمر باستمرار الكسوة السوداءِ للكعبة الشريفة. ثمَّ إنَّ القريتيْنِ “يبسوس”(باسوس الآن)  و ” سندبيس” خرِبَتَا وضعف ريعُهُما عن الوفاء بمصروف الكسوة، فأمر السلطان سليمان خان أن يكْمِلَ من الخزائن السلطانية بمصر، ثمَّ أضافَ إلى القريتينِ قرًى أخرى أوقَفَها على كسوةِ الكعبةِ فصار عامِرًا فائضًا مستمرًا.- تاريخ مكة الجزء 2 للأزرقي ] .

 

(6) مفاتيح الكعبة بيد بني هاشم :

وقصة مفتاح الكعبة وسدانتها  :  [عندما تولى قصى بن كلاب .. وهو الجد الخامس للرسول عليه الصلاة والسلام وحاكم  مكة ، كان ابنه الاكبر عبد الدار فقيرا .. وكان والده يعطف عليه كثيرا..فاختصه بامور شرف كثيرة كالسدانة وغيرها .. وبعد وفاة عبد الدار آلت السدانة إلى ابنه عثمان إلى عبد العزى بن عثمان ثم إلى أبو طلحة عبد الله بن عبد العزى.  وعندما تم فتح مكة ، فتح الرسول صلى الله عليه وسلم الكعبة ودخلها واخذ مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة ، لكن الله عز وجل انزل الاية الكريمة : ” ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها ” .. فدعا النبى صلى الله عليه وسلم عثمان بن طلحة فدفع اليه المفتاح ، هو و ابن عمه شيبة بن عثمان بن ابى طلحة وقال لهم:خذوها يابنى طلحة بأمانة الله سبحانه واعملوا فيها بالمعروف خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم .. وهكذا أصبحت السدانة لبنى طلحة وشيبة حتى قيام الساعة ومنذ ذلك الوقت و بني شيبة يحملون مفتاح الكعبة كابرا عن كابر.- راجع القصة بسيرة ابن هشام الجزء الأول ] .

وبعد فتح مكة  :  أتى رسول الله صلى الله عليه وآله ووقف قائما على باب الكعبة فقال : لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا إن كل مال ومأثرة ودم يدعى تحت قدمي هاتين ، إلا سدانة الكعبة ، وسقايه الحاج ، فإنهما مردودتان إلى أهليهما .  ألا إن مكة : محرمة بتحريم الله ، لم تحل لأحد كان قبلي ، ولم  تحل لي إلا ساعة من نهار ، وهي محرمة إلى أن تقوم الساعة ، لا يختلى خلاها ، ولا يقطع شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد . ويقال أن  رسول صلى الله عليه وسلم دفع لشيبة رضي الله عنه مفتاح الكعبة المشرفة ، وإلى ابن عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة  , .

(7) مكانة الكعبة عند الأمم الأخرى كالفرس قبل الإسلام :

تثبت النصوص أمامنا أن الأمم الأخرى كانت تعلم مكانة الكعبة الروحية وبناء سيدنا إبراهيم لها والدليل الذي عثرنا عليه هوأن ملك الفرس ساسان كان يهدي هدايا كل عام لبيت الله المحرم :

فهل هذا العمل توارثته هذه الأمة فأسلمت فيما بعد عملاً بقاعدة  القرآن القائلة { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} ؟ :

  [ قال المسعوديّ في “مروجِ الذهب”: وكانت الفرس تهدي إلى الكعبة أموالاً في صدر الزمان، وجواهر،وقد كان ساسان بن بابك هذا أهدى غزالَيْنِ من ذهب وجوهراً وسيوفاً وذهباً كثيراً فقذفه في زمزم وقد ذهب قوم من مصنفي الكتب في التواريخ وغيرها من السير أن ذلك كان لجرهم حين كانت بمكة، وجرهم لم تكن ذات مال فيضاف ذلك إليها، – مروج الذهب للمسعودي ج1 ص105 ] .

بداية تنافس العرب مع السادة الأشراف من بني هاشم  على شرف

حكم  مكة ورفادة بيت الله الحرام

 

ورد في طبقات ابن سعد : [ كانت بطون قريش قد اتفقت في الجاهلية على صيغة سياسية إقتسمت بموجبها مناصب الشرف ، وأجمعت على أن تكون السقاية والرفادة لهاشم –  الطبقات الكبرى ج 1، ص 78. ] .

 (1) حسد قريش ووقوفها ضدّ النبيّ ودعوته  كما حسدت جرهم ذرية  سيدنا إسماعيل عليه السلام  :

 [ عندما أعلن الرسول الأعظم محمد بن عبدالله الهاشمي صلى الله عليه وآله  أنباء النبوة والرسالة والكتاب ; كانت قريش تتعايش في ظل صيغة سياسية جاهلية قائمة على إقتسام مناصب الشرف ، فكانت السقاية والرفادة لبني هاشم، وهو منصب من أخطر المناصب آنذاك، وكانت القيادة لبني هاشم، وكان اللّواء لبني عبد الدار، والسفارة لتيم… إلخ  – كتاب المواجهة لأحمد حسين يعقوب ص 26 ], .

كانت قريش تشعر بالقلق والحسد من التميز الهاشمي، وتحس بأن هذا التميز يشكل خطرا على الصيغة السياسية، فقد برزت من بني هاشم شخصيّات، فرضت نفوذها الأدبيّ على قريش خاصة والعرب عامّة، فكان هاشم سيد قريش حتى مات، ثم صار عبد المطلب سيدها وحكيمها حتى مات ، وكانت قريش تسعى جاهدة لإبطال مفاعيله، فكانت تتكارم لتحاكي الكرم الهاشمي، وتتفاخر لتقلّد الفخر الهاشمي، وتتصنع الحكمة لتردم الحكمة الهاشمية. ولمّا جهر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالنبوّة، فقدت قريش صوابها، وقرّرت أن تقف وقفة رجل واحد لإبطال النبوّة الهاشمية، أو إجهاضها. فإلتقى ابن أبي شريف مع أبي جهل فقال له : [  أترى محمدا يكذب؟ فقال له أبو جهل: كيف يكذب على الله وقد كنّا نسمّيه الأمين، لأنّه ما كذب قطّ ؟ ولكنْ إذا اجتمعت في بني عبد مناف السقاية والرفادة والمشورة ، ثم تكون فيهم النبوّة ; فأي شىء يبقى لنا؟

فقال أبي جهل :  [ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف : أطعموا فأطعمنا ، وحملو فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تحاذينا على الركب ، وكنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك مثل هذه ! والله لانؤمن به أبداً، ولا نصدقه ! ) . انتهى . ورواه في عيون الأثر : 1/146 ، وابن كثير في سيرته : 1/506 . وروى ابن هشام  ج 1/  ص207 ] .

وقد قال نفس الكلمة أبو سفيان: [ كنّا وبنو هاشم كفرسي رهان ، كلّما جاءوا بشيء جئنا بشيء مقابل، حتى جاء منهم من يدعي بخبر السماء فأنّى نأتيهم بذلك ؟! – كتاب لقد شيّعني الحسين ص 106 نقلاً عن ابن الأثير في تاريخه ] .

وهنا تتكرر نفس قضية جرهم وحسدها لآل إبراهيم عليهم السلام ولكن هذه المرة تحول الإسم إلى قريش التي قال فيها صلى اله عليه وآله [ اللهم كما أذقت أول قريش نكالاً فأذق آخرها نوالاً …. الحديث] .

عندما أعلنت بطون قريش الثلاثة والعشرين عن وقوفها وقفة رجل واحد ضد محمد ودينه الجديد ; : [ جمع أبو طالب الهاشمييّن والطّالبييّن وشكل منهم جبهة واحدة وأعلن باسمهم، بأنّهم مع محمد، وأعلن حماية هذين البطنين له –  الطبقات الكبرى لابن سعد ج 1، ص 186 ].

وأعلن: [ أمّا بطون قريش فإنّها إن فكّرت بقتل محمد فإنّ الهاشمييّن والمطّلبييّن سيقاتلون حتى الفناء التام- طبقات ابن سعد ، وتاريخ ابن الأثير والسيرة الحلبية ج 1، ص 304 ] .

وفي تاريخ اليعقوبي  قال أبو طالب  للهاشمييّن والطّالبييّن ، وعلى مسمع من زعامة قريش :  [ يا بن أخي إذا أردت أن تدعو إلى ربِّك فأعلمنا حتى نخرج معك بالسلاح  – راجع تاريخ اليعقوبي ج 2، ص 27] .

. [ ثم  كلّف أولاده بأنْ يرافقوا النبي دائما ويُفدوه بأرواحهم-  سيرة ابن هشام ج 1، ص 265 ; وتاريخ الطبري ج 2، ص 214 ; والإصابة لابن حجر ج 1، ص  116] .

وباسم الهاشميين والطالبيين ، واعتمادا على نصرتهم للنبي; خاطب أبوطالب ابن أخيه محمدا (صلى الله عليه وآله) أمام زعامة قريش قائلا :

[ واللهِ لَنْ يَصِلوا إِليكَ بِجَمْعِهم ـــــ حَتّى أُوَسَّدَ في التراب دفينا.

فاصدعْ بأمرِكَ ما عليكَ غضاضةٌ ـــــ وأبْشِرْ بذلكَ وقَرْ مِنْكَ عُيُونا.

ودَعَوْتَني، فَعَلِمْتُ أنَّكَ ناصِحي ـــــ وَلَقَد دعوتَ وكنتَ ثَمَّ أمينا.

ولقد علمِتُ بأنَّ دينَ محمد ـــــ مِنْ خَيْرِ أديانِ البَرِيَّة دينا – الثعلبي في تفسيره & وراجع خزانة الأدب للبغدادي ج 1 ص 216& وتاريخ ابن كثير ج 3 ص 42& وتاريخ أبي الفداء ج 1 ص 120 & فتح الباري ج 7 ص 153& والغدير ج 7 ص 374 ] .

ومن هنا جاء حديث أبي وأباك في النار  حسداً من قريشاً الأولى والمنافقين من حولهم

(2) حصار قريش لبني هاشم وعبد المطلب بشعب مكة لما ناصروا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمهم بأن سيدنا إبراهيم بشر وأوصى به :

بعد ظهور دين الإسلام كان لسيوف بني هاشم الباع الطويل في نصرة النبي صلى الله عليه وآله وظهور دين الإسلام خاصة بعد إيمانهم بصدق دعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله ومن خلال أعمال بني هاشم يتبين أنهم كانوا أصحاب ديني وصلاة وأخلاق وأعمال صالحة والمرجح أمامنا أنهم كانوا يملكون صحف فيها بشارات ببعثة نبي منهم ولذلك ناصروه مؤمنهم ومن لم يؤمن به فحاصرتهم كما هو معلوم قريش بشعب مكة ثلاثة سنوات حتى هلك منهم من هلك وكادوا أن يموتوا لوى أن الأرضة لحست ما تعاقدت عليه قريشاً وسائر قبائل العرب من  حصار للسادة الأشراف بمكة لخروجهم على دين عمرو ابن لحي الذي أدخل لهم الأوثاب بعد طرد أولاد سيدنا نابت ابن إسماعيل ابن إبراهيم من الحرم بواسطة قبيلة جرهم ومازالت العرب إلى الآن تحارب في سبيل هذه الأوثان ولكن هذه المرة باسم الدين الإسلامي  ,

كما كان لسيوف أمير المؤمنين و حمزة  وجعفر عليهم عليه السلام أبلغ الأثر في تحول الأمويين ومن تولاهم  لأعداء يطالبون بالثأر من ذرية النبي صلى الله عليه وآله كما فعل الحجاج ابن يوسف الثقفي بغضاً لكل من أحب سيدنا محمد و÷ل بيته عليهم السلام وإليك ماصرحوا به أمام الإمام الحسين لما حاصروه بكربلاء : [  يقول الإمام  الحسين عليه السلام لجيش ابن زياد يوم عاشوراء  وقد ركب جواده : ويلكم على ماذا تقتلونني ؟ أعلى عهد نكثته ؟ أم على سنّة غيرّتها ؟ أم على شريعة بدلتها ؟ أم على حق تركته ؟ فقالوا نقتلك بغضا منا لأبيك ) – نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام)- أبو إسحاق الاسفرايني  ص 47 ] .

والآن نفس الموقف تجده يتكرر تجاه السيد حسن نصر الله وقادة إيران الإسلامية وهم من السادة الأشراف أولاد سيدنا إبراهيم  ثم علي وفاطمة عليهما السلام فيكيلون لهم الاتهامات والتكفير والتفسيق والتبديع !!.

فهل هذا العداء لأن أهل بيت النبي عليهم السلام قصفوهم بالقنابل النووية  أم أنهم قاتلوا وأبادوا المسلمين ؟ .والله لا يوجد مبرر على الإطلاق لحرب إيران وحزب الله  إلا بغض النبي محمد وأهل بيته عليهم السلام وحسدهم  وكره دين الإسلام لما حققوا  نصراً مبيناً  بإذن الله تعالى على أعداء ه ت قتلوا الأنبياء من قبل ولا يقدر عليهم إلا من اصطفاهم الله تعالى لتلك المهمة وهم أهل البيت الإبراهيمي المحمدي عليهم السلام .

وبعد هذه المقدمة الطويلة السؤال لكل أمة محمد (صلى الله عليه وآله) :

هل أجداد النبي وآباءه كفار في النار كما روى المنافقين ذلك حسداً منهم وبغضاَ ؟ وهنا نقول لهم

من مؤسس الجزيرة العربية وأبو الأنبياء والأوصياء ؟

هل هو سيدنا إبراهيم ثم خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أم آل سعود الذين طمسوا معالم هذا الدين وأوهموا الناس أنهم مقدسين بعد أن بني لهم سيدنا إبراهيم بيت الله ورفع قواعده وتعلم الناس منه ومن أمنا هاجر وإسماعيل مناسك الحج بل وببركة أقدام نبي الله إسماعيل تنبع عين زمزم ثم يأت آل سعود والوهابية ليطلقوا عليها بغير حياء أنها جزيرة أبيهم سعود فأطلقوا عليها ( السعودية ) وأدخلوا فيهم كل سكان جزيرة العرب  كموالي وعبيداً  لهم لأن باني جزيرة العرب ومؤسسها سيدنا  إبراهيم عليه السلام وهو أبو ملتنا الإسلامية  كما قال تعالى { ملة أبيكم إبراهيم } وليس سعود وبالتالي جزيرة العرب جزيرة إبراهيم وإسماعيل وبني هاشم وكل العرب الأحرار أبيهم إبراهيم وذريته مسلمون كلهم حتى بعثة نبي الله الخاتم صلى الله عليه وآله  والجزيرة جزيرتهم والدين دين آبائهم وكلهم مسلمون خيار من خيار رضى من رضى وأبى من أبى .

والله يحكم بيننا  .

حسبنا الله ونعم الوكيل .