عبد القادر بن مسعود

يحتفل اليوم شعب الجزائر بالذكرى الـ63 لاندلاع الثورة التحريرية، الثورة التي خلّدها التاريخ باعتبارها واحدة من أعظم الثورات في القرن العشرين، نظرًا للبطولات التي جسدها الشعب الجزائري، ناهيك عن التضحيات التي قدمها طيلة 132 سنة من الاستعمار الفرنسي لبلاده، في المقابل وجد بعض القادة الجزائريين الذين شاركوا الجزائريين كتابة تاريخٍ مشرفٍ عن تضحياتهم أنفسهم متهمين، تارةً بالخيانة، والتواطؤ ومعارضة الحكم بعد الاستقلال تارةً أخرى، ومن بين الشخصيات التي سنتحدث عنها في هذا التقرير كل من أحمد باي بايلك قسنطينة في فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، والأمير عبد القادر الجزائري صاحب أعظم ثورة شعبية في نهاية القرن التاسع عشر، ناهيك عن مصالي الحاج والعقيد شعباني ومحمد بوضياف.

اقرأ أيضًا: في ذكرى الاستقلال.. هل سيعترف ماكرون بجرائم بلاده في الجزائر؟

«أحمد باي».. العثماني-الجزائري والمجاهد المغضوب عليه

في الوقت الذي توجه فيه «أحمد باي» إلى العاصمة الجزائر من أجل دفع «الدنوش» والهدايا المفروضة على البايات كل ثلاث سنوات إلى الداي حسين، انطلاقًا من أعراف الدولة العثمانية آنذاك، كان الجنود الفرنسيون في طريقهم للجزائر فيما عُرف وقتها بالحملة الفرنسية على الجزائر بقيادة الجنرال «دي بورمون»، تواجدُ «أحمد باي» مع جنوده في العاصمة أعطى أملًا للجزائريين للتصدي لهذا العدوان. لم يخيب أحمد باي ثقة الداي حسين الذي استدعاه في اجتماعٍ من أجل استشارته في الطريقة التي تواجه بها الجزائر الحملة الفرنسية، فاقترح الحاج أحمد باي خطةً تمثلت أساسًا في انسحاب الجيش الجزائري نحو مدينة شرشال، وتُترك للفرنسيين فرصة لإتمام الإنزال بشاطئ سيدي فرج، بعدها يتم الهجوم عليهم من قبل الجيش الجزائري المتواجد بشرشال والعاصمة، وهي الخطة ذاتها التي استعملها «أحمد باي» فيما بعد في الذود عن مدينة قسنطينة. شكلت «خطة أحمد باي» نقطة فارقة في معركة احتلال الجزائر، إذ أنها نجحت في البداية في صدّ الهجوم قبل أن ينهزم الجيش الجزائري في «معركة سطاوالي» الشهيرة ليعلن بعدها الداي حسين الاستسلام ويوقع على معاهدة تسليم فرنسا للجزائر.

ولد أحمد بن محمد الشريف بن أحمد القلي المعروف باسم أحمد باي حوالي سنة 1784 بمدينة قسنطينة من أصل كرغلي، إذ كان أبوه من أصلٍ عثماني وأمّه جزائرية، عرف الحاج أحمد باي بحزمِهِ وذكائه وقوة شخصيته عند حكمه لبيلك (مقاطعة الشرق) قسنطينة عام 1826، هذه المقاطعة التي عرفت بالاضطرابات الإدارية وعدم الاستقرار، بمجرد تسلمه لمهامه عمل على إرجاع المقاطعة إلى وضعها الطبيعي، عن طريق قيامه بإصلاحات، فكسب قلوب سكان قسنطينة ما أدى فيما بعد بسكان هذه المدينة بعد احتلال مدينة الجزائر العاصمة أن يصروا على ضرورة بقاء الحاج أحمد باي بالمدينة ليدافعوا معًا عنها، هذا ما جعله يعلن الجهاد ضد فرنسا وينطلق في مقاومة شعبية رسمية عنيفة ضد المستعمر الفرنسي.

بالموازاة مع ذلك قامت ثورة شعبية أخرى بالغرب الجزائري، قادها «الأمير عبد القادر الجزائري»، وفي الوقت الذي كانت فيه فرنسا تتلقى ضربات عنيفة من المقاومتين وصلت بها إلى عدم قدرة مجاراتها المقاومتين معًا؛ فضّل الأمير عبد القادر توقيع معاهدة هدنة مع فرنسا عرفت بـ«معاهدة التافنة» التي سمحت لفرنسا توجيه جميع قوتها لوأد مقاومة «أحمد باي» إلى أن تمكنت فرنسا من إسقاط مدينة قسنطينة، انسحب الحاج أحمد باي على إثرها إلى الصحراء مشكلًا مع جنوده جيشًا جديدًا حاول مرارًا به صدّ الاحتلال الفرنسي من التقدم أكثر، ورفض أحمد باي التفاوض مع فرنسا التي رأت في المفاوضات معه فرصةً لتعزيز ركيزتها بالمدينة، مفضلًا مواصلة الكفاح ضد فرنسا حتى وفاته سنة 1856.

وترى الدكتورة المختصة في تاريخ الجزائر المعاصر «بيشي رحيمة» في حديثها مع «ساسة بوست» أنّ المؤرخين خصوصًا الغربيين عملوا على تشويه صورة أحمد باي من خلال تلميحهم إلى أصله الكرغلي في كلّ مناسبةٍ وكونه ممثلًا للدولة العثمانية، واستغلال ذلك لتبرير عدم الانسجام والتنسيق والذي نتج عنه توقيع الأمير عبد القادر لهدنة مع فرنسا.

وفي عشية الاحتفالات بذكرى الثورة التحريرية الجزائرية أعلنت وزارة الثقافة الجزائرية عن حفلٍ بالمناسبة يحييه أحد مطربي الكباريهات المسمى «هواري منار»، وذلك في قاعة أحمد باي بقسنطينة، وخلفت هذه الحفلة سخطًا شعبيًا كبيرًا إذ اعتبرتها شريحة واسعة من الجزائريين إهانة للثورة التحريرية ولشخص أحمد باي كون الحفل سيقام في قاعة تحمل اسم أحمد باي، ويرى المواطن الجزائري «عبد القادر بوتيتل» في حديثه مع «ساسة بوست» أن إقامة هذا الحفل وتعيين مطرب ساقطٍ لتنشيطه والمكان الذي تم اختياره للحفل ناهيك عن الوقت هو إهانة وظلم كبيرٌ للجزائر وقادتها، وأما الغضب الذي خلفه إعلان هذا الحفل رضخت السلطات لمطالب الجزائريين بإلغائه إذ أمر وزير الثقافة «عز الدين ميهوبي» شخصيًا باستبدال المغني هواري منار بمغنٍ آخر وقام بالاعتذار للشعب الجزائري.

«الأمير عبد القادر».. من مؤسس الدولة الجزائرية المعاصرة إلى خائن وماسوني

في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1832، وقف «الأمير عبد القادر» مناديًا الجزائريين بالبيعة أميرًا في خطوة لبدأ مقاومته ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، اتخذ الأمير عبد القادر مدينة معسكر بالغرب الجزائري عاصمة له، وبدأ بجمع المتطوعين، وتكوين جيشٍ قويٍّ يصدّ به التقدم الفرنسي نحو باقي الأراضي الجزائرية، وحقق الأمير انتصاراتٍ عديدة وكبيرة؛ حيث طارد القائد الفرنسي «بوايه» حتى عزلته فرنسا وعّينت «دي ميشيل» بديلًا عنه، واضطر هذا الأخير إلى عقد اتفاق هدنة مع الأمير عبد القادر، في 26 فبراير(شباط) عام 1834 عرفت بمعاهدة «دي ميتشل»، التي نصّت على إقرار فرنسا على سلطة الأمير عبد القادر على جميع مقاطعة وهران وتوجب له الحق في أن يعين القنصل وأن يستورد الأسلحة من أية جهة يريد.

وأمام توقيع هذه المعاهدات بدأ اتهام الأمير بالخيانة، إذ اعتبره بعض المؤرخين أوّل من وقع معاهدة مع المحتل، وترىالدكتورة والأستاذة المحاضرة والباحثة بكلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3 «بوزيفي وهيبة» أنّ توقيع الأمير لتلك المعاهدة، وإن كان في أحد نصوصها يعترف بسلطة فرنسا على الجزائر، فإنه أيضًا يكفل للأمير اعترافًا فرنسيًّا به مما قد يكسبه اعترافًا دوليًا.

لكن فرنسا نَقَضَت المعاهدة في يونيو (حزيران) 1845م ليرد الأمير بدك القوات الفرنسية في معركة «المقطع» الشهيرة، مكبدًا فرنسا خسائر كبيرة جعلتها تطلب الصلح على لسان قائدها الجنرال «بيجو» في مايو (أيار) عام 1837، وينتهز الأمير عبد القادر فرصة الهدنة تلك؛ ويعمل على تأسيس الدولة الجزائرية المعاصرة من خلال تقوية الجيش وصكّ العملة وتشكيل المقاطعات الإدارية، في تلك الأحيان كانت فرصة لفرنسا لتخمد مقاومة «أحمد باي» بالشرق الجزائري، مما جعل بعض الجزائريين يتّهمون الأمير بخيانة أحمد باي من خلال السماح لفرنسا بتحييد جيشه وتوجيه قوتها الكاملة للقضاء على المقاومة بالشرق.

يرى وزير الشؤون الدينية السابق ورئيس المجلس العلمي لمؤسسة الأمير عبد القادر «محمد برضوان» أن الأمير عبد القادر انتقد السلطة العثمانية المتمثلة في أحمد باي التي تخلَّت عن حماية المواطنين الجزائريين، ولذلك أنشأ المقاومة ولم ينسِّق مع أحمد باي في مقاومته، من جهته قال رئيس مؤسسة الأمير عبد القادر «محمد بوطالب» أنّ الأمير عبد القادر كان وقتها هو القائد الفعلي للجزائر، لأنّ الشعب هو من عيّنه، ليس كأحمد باي الذي عٌيّن من طرف السلطة العثمانية، ولذلك وجب على أحمد باي أن ينسق مع الأمير عبد القادر وليس العكس.

لم يتوقّف ظلم تاريخ الأمير باتهامه بخيانة أحمد باي فتوجه البعض إلى اتهامه بـ«الاستسلام» والاعتراف بفرنسا، وذلك بعد أن تمكنت فرنسا من هزيمته عن طريق توجيه ضربة عسكرية عنيفة لقواته بعد أن تمكنت فرنسا من هزيمة أحمد باي بالشرق مما جعله يفقد عاصمته «الزمالة»، ما اضطر الأمير عبد القادر إلى اللجوء إلى ملك المغرب سنة 1843، الذي تعرّض لضغوط فرنسية كبيرة جعلته يطرد الأمير عبد القادر بالنهاية، وأمام هذه الأوضاع قرر الأمير عبد القادر الاستسلام في 23 ديسمبر (كانون الأول) عام 1847، والتوقيع على معاهدة الاستسلام وتمّ نفيه إلى فرنسا ثم إلى دمشق.

 

في دمشق ورغم إنجازاته البطولية التي أخمدت نار الفتنة بين السوريين آنذاك، إلّا أن نفرًا من المؤسسات الغربية بمعية بعض العرب والجزائريين الذين يكنون للأمير عبد القادر حقدًا كبيرًا؛ كونه مؤسس الدولة الجزائرية، أرادوا استغلال فرصة تواجد الأمير في منفاه إانقاذه لآلاف المسيحيين جراء توسطه في الحرب الأهلية السورية ليتهموه بالماسونية، ويرىالبروفيسور «سليمان بن عزيز» الأستاذ بالمدرسة العليا للصحافة بالجزائر أنّ الأمير عبد القادر لم ينخرط يومًا في الماسونية مثلما تناقلت بعض الكتابات، مؤكدًا بأن كبرى محافل فرنسا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاولت استغلال الرسائل التي تبادلها مع الشخصية ما لصالحها، وأوضح ابن عزيز أن «محفل هنري الرابع» تحديدًا هو الذي حاول استمالة الأمير عبد القادر الذي يعتبر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ملمحًا للرسائل التي كان يتبادلها مع هذا الأخير، وأضاف أنه من خلال إنقاذ 12 ألف مسيحي من الموت بدمشق منذ 1855 لم يقم الأمير عبد القادر بذلك بدافع قيم الماسونية وإنما قيم «الإنسانية والتسامح».

مصالي الحاج.. الذي خطفت منه الثورة 

ولد أحمد مصالي الحاج في 16 مايو(آيار) عام 1898 بمدينة تلمسان، ترعرع وسط عائلة محافظة، تلقى في صغره تعليمًا دينيًا في إحدى زوايا تلمسان، قبل أن يستدعى للخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الفرنسي. لاحقًا، ساهم «مصالي الحاج» في تأسيس العديد من الأحزاب السياسية التي ناضلت لاستقلال الجزائر، إذ لقب بأبي الحركة الوطنية.

بداية نشاطه كان من خلال انضمامه إلى جمعية الأخوة الإسلامية، وإلى الحزب الشيوعي، وفي مارس (آذار) عام 1926 ترأس حزب نجم شمال أفريقيا، لكن فرنسا قامت بحلّ الحزب، ليؤسس بعدها مصالي حزب الشعب الجزائري في 11 مارس (آذار) 1937، وتعرض للسجن ومصادرة أملاكه عدة مرات بسبب نشاطه السياسي المعارض لفكرة إدماج الجزائر مع فرنسا.

بدأ مصالي الحاج يدرك أن تحرير الجزائر يجب أن يقرن بثورة مسلحة، فبدأ في الإعداد للثورة الجزائرية، ففي أكتوبر(تشرين الأول) عام 1946 ترأَّس مصالي الحاج حركة انتصار الحريات الديمقراطية، والذي تقرر في مؤتمرها الأول اتخاذ قرار الإبقاء على حزب الشعب الجزائري سرًا، وإنشاء منظمة شبه عسكرية مهمتها التحضير للثورة المسلحة.

 

ومع اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر ( تشرين الثاني) عام 1954، انضم عددٌ كبيرٌ من الشباب الجزائري إلى صفوف مصالي الحاج اعتقادًا منهم أنّ مصالي هو قائد الثورة، ليتبين لهم بعد أشهر أن الثورة قامت بدون علم مصالي الحاج، في وقتٍ أصدرت فيه قيادة الثورة المتمثلة في حزب جبهة التحرير الوطني أوامرها للجيش الجزائري بقتال جماعة مصالي الحاج لتحدث مشادّات مؤسفة بين الطرفين، وقال «نورالدين إيت حمودة» ابن الشهيد «العقيد عميروش» أحد قادة جيش التحرير الجزائري، في شهادات مثيرة لقناة «الخبر» الجزائرية، أن الزعيم الوطني «مصالي الحاج كان يقود جماعة تقتل المجاهدين والجزائريين»، من جهته أكد المجاهد الدكتور «رابح بلعيد» أنّ مصالي الحاج لم يكن ضد الثورة التحريرية، بل كان هو المخطط لها، ومعظم قادة الثورة الجزائرية خرجوا من رحم مصالي الحاج، من جهته أكد المؤرخ الجزائري «محمد حربي» أن مصالي الحاج كان يحضر للمقاومة المسلحة، بتكوين نخب عسكرية.

جديرٌ بالذكر أن أغلب قادة الثورة التحريرية كانوا تحت لواء حركة انتصار الحريات التي كان يترأسها مصالي الحاج، وفي أحد اجتماعات حركة أنصار الحريات نادى «محمد لمين دباغين» بتعيين لجنة مركزية جديدة‮ يجب ألا‮ تكون من صلاحية مصالي‮ وحده، مما رأى فيها مصالي حاج بداية للانقلاب عليه، استمر بعدها مصالي الحاج في رئاسة حركة انتصار الحريات، نتج عن اللجنة المركزية الجديدة تأسيس المنظمة الخاصة، التي لم يكن لمصالي الحاج دورٌ فيها، عملت المنظمة على تحويل النضال من السياسي إلى العسكري، مما نتج عنه تشكيل جيش التحرير الوطني الذي كان مصالي الحاج ينادي بتشكيله منذ تأسيسه لحركة انتصار الحريات، وأمام تهميش مصالي الحاج وتولي القادة الستة مسؤولية تفجير الثورة التحريرية، أنشأ مصالي الحاج حزب الحركة الوطنية الجزائرية متحديًا النداء من جبهة التحرير الوطني الذي طالب جميع التنظيمات بحلّ نفسها والانضمام إلى الثورة، فكان على قادة الثورة إعلان مصالي الحاج متمردًا واتهم بالخيانة!

في وقتٍ تؤكد ابنته «جنينة مصالي» من خلال مذكرات كتبتها عن والدها تحت عنوان «حياة تقاسمتها مع والدي مصالي الحاج» إنه «عند اندلاع الثورة لم يقف مصالي الحاج موقف العدو – كما يصوّره البعض – بل إنه لم يكن واثقًا من قدرات تلاميذ الأمس الذين تربّوا في مدرسته السياسية والنضالية الاستقلالية، ولم يهضم خروجهم عن طاعته، ويمكن أن نعتبر الأحداث الأليمة التي اندلعت آنذاك خاصة في فرنسا، بأنها مجرد انزلاقات هامشية على حساب الغاية الاستراتيجية التي ناضل من أجلها»، ومن جهته أنصف المجاهد الراحل والأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهريالرجل حين قال في شهادته عليه «مصالي الحاج رجلٌ عظيمٌ، لأنّه استطاع أن يجمع الشّعب الجزائري على مطلب التحرر، ولأنه ناضل وهو حريص على مقوّمات الشخصية الجزائرية بالأساليب العصرية، وإذا كان جيل الثورة على صواب فهذا لا يعني أنّه أصبح معصومًا من الأخطاء».

 

«العقيد شعباني» أصغر جنرال في العالم يتهم بمحاولة فصل الصحراء فيُعدم

«العقيد محمد شعباني» واسمه الحقيقي الطاهر شعباني، ولد في الثالث من سبتمبر (أيلول) عام 1934 في مدينة أوماش بمحافظة بسكرة بالجنوب الجزائري، تلقَّى تعليمه على يد «جمعية العلماء المسلمين» بعد تنقله إلى قسنطينة للإقامة بها، ليتكون لديه الحس السياسي ويدرك ضرورة العمل المسلح، يلتحق مبكرًا بصفوف جبهة التحرير الوطني وهو في سنّ 18 سنة، ترقى شعباني في صفوف جيش التحرير الوطني ليصبح أصغر عقيد في العالم سنة 1959، وتولَّى قيادة الولاية السادسة التي كانت تضم أجزاءً واسعةً من الصحراء.

بعد الاستقلال عمل العقيد شعباني على تكوين الجيش الجزائري وإعطائه أولوية هامة، وبات أبرز قادة الجيش الجزائري، إذ كان له الفضل في صد الهجوم المغربي على الصحراء الجزائرية، إذ عمل جاهدًا رفقة كتيبته على صد العدوان المغربي في «حرب الرمال»، بل تمكن حتى من الدخول إلى التراب المغربي، وأمام محاولات بومدين تكوين وتقوية الجيش الجزائري والاستعانة بضباط جزائريين الذين عملوا في صفوف الجيش الفرنسي، ظهرت معارضة العقيد شعباني لهذا القرار من قائد الأركان بومدين، إذ رأى شعباني في ضباط فرنسا خطرًا على الأمن القومي الجزائري ، لتنشأ خلافات بين العقيد شعباني وبومدين وابن بلّة ، وأمام المعارضة الشرسة لشعباني لخطوات بومدين، لم يجد الأخير سوى كيل تهمةالتمرد على بن بلة والمطالبة بفصل الصحراء للعقيد شعباني؛ ليحاكم عن التهم ويتم إعدامه في الرابع من سبتمبر (أيلول) عام 1964 ودفنه في مكانٍ مجهول. اعترف بن بلّة في برنامج شهادة على العصر التي تبثّ على قناة الجزيرة بمسؤوليته عن إعدام شعباني.

ويرى المجاهد «علي بن فردية» الذي عمل حارسًا شخصيًا للعقيد شعباني في شهادته لجريدة «الشروق» الجزائرية، أن اغتيال شعباني مؤامرة حبكها ضباط فرنسا ونفذها بومدين، فيما يرى شقيق العقيد شعباني، «عبد الرحمان شعباني» أن السبب الرئيسي لإعدام شقيقه كان معارضته الشرسة لعملاء فرنسا وضباطها، من جانبه أكد «أحمد زديرة» مسؤول مصلحة سابق بالناحية العسكرية الرابعة أنّ العقيد شعباني لم يكن متمردًا خلال حرب الرمال ولم يكن مطالبًا بالانفصال كما اتهمه بومدين وابن بلة، والدليل أنّه تجاوز بجيشه الحدود المغربية في حرب الرمال.

ومن الإساءات التي تعرض لها العقيد شعباني قبل إعدامه ما كشفه الأمين العام لرئاسة الأركان السابق «مهدي شريف» حين قال في حديثه لقناة النهار الجزائرية «وضع أحد القادة السابقين في الجيش الفرنسي رجله على رأس العقيد شعباني طيلة الطريق بين الجزائر العاصمة والجلفة، مضيفًا، أن شعباني طلب من ابن شريف رشفة قهوة؛ لكن هذا الأخير قام برميها على وجهه قائلًا: هذه هدية فرنسا لك يا شعباني».

«محمد بوضياف» من مجموعة الستة التي فجرت الثورة إلى المنفى بعد الاستقلال

في 23 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1954 اجتمع ستة رجالٍ دخلوا العاصمة الجزائر بسرية تامة، لوضع آخر اللمسات على ما سيصبح أعظم وأخطر قرار اتخذه الجزائريون في تاريخهم الحديث، كان ذلك القرار هو تفجير ثورة التحرير. كان من بين الرجال الستة «محمد بوضياف»، والذي كان له شرف الحديث أوّلًا فقال لرفاقه «إنه الاجتماع الأخير قبل اندلاع الثورة. وفيه نتفق على كل النقاط». وعرض مناقشة اسم التنظيم الذي تنطلق الثورة باسمه فتم الاتفاق على «جبهة التحرير الوطني» بالنسبة للجناح السياسي. و«جيش التحرير الوطني» بالنسبة للجناح المسلح.

مجموعة الستة التي فجرت الثورة الجزائرية

ولد محمد بوضياف في 23 يونيو (حزيران) عام 1919م بمدينة المسيلة بالشرق الجزائري، اشتهر بلقب «سي الطيب الوطني»، وهو اللقب الذي أطلق عليه خلال الثورة الجزائرية، تلقى بوضياف تعليمه الابتدائي في مدرسة «شالون» في بوسعادة، ثمّ اشتغل بمصالح تحصيل الضرائب بمدينة جيجل، وخلال الحرب العالمية الثانية جنِّد في صفوف القوات الفرنسية، لينضمّ بعدها إلى صفوف حزب الشعب الجزائري ويصبح عضوًا في المنظمة السرية، وفي أواخر عام 1947 كُلف بتكوين خلية تابعة للمنظمة الخاصة في قسنطينة، وفي 1950 حوكم غيابيًّا مرتين، وصدر عليه حكم بثمان سنوات سجنًا، وتعرض للسجن في فرنسا مع عدد من رفاقه، وفي عام 1953 أصبح عضوًا في حركة انتصار الحريات الديمقراطية ثم عضوًا في مجموعة الستة.

بعد اندلاع الثورة التحريرية انتخب عضوًا في مجلس الثورة في «مؤتمر الصومام»، ليعتقله الاستعمار الفرنسي مع ثلة من رفاقه بعد اعتراض طائرته في السماء، ليمكث في السجن حتى يطلق سراحه بعد مفاوضات إيفيان سنة 1962.

محمد بوضياف

بعد الاستقلال نشبت خلافات حادةٌ بين بوضياف وأحمد بن بلة، وتطور الأمر إلى حد انسحاب بوضياف من جبهة التحرير في سبتمبر(أيلول) عام 1962، وتأسيس حزب معارض سماه «حزب الثورة الاشتراكية»، خلّف هذا التحدي من بوضياف بإنشاء حزبٍ معارض غضبًا لدى ابن بلة فقام باعتقاله سنة 1963، وبعد أن نجح في تسريب رسالة من سجنه إلى وسائل الإعلام الدولية تحدث فيها عن معاناته داخل السجن، أفرج عنه النظام، لكن سرعان ما أُدين في قضية أخرى تستهدف زعزعة النظام وحُكم عليه بالإعدام. ليقرر بعدها بوضياف أن يختار المنفى ليتوجه إلى المغرب ويقرر حلّ حزبه والتفرغ إلى أنشطته التجارية، ليعيد الجيش الجزائري بوضياف إلى الأضواء بعد مكوثه 28 سنة في المنفى بعد أن استدعاه في مطلع 1992 لرئاسة الجزائر بعد الأزمة السياسية التي فجّرها إلغاءُ الجيش نتائج أول انتخابات تشريعية تعددية بعد فوز كاسح لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، ليقتل بعدها بوضياف على الهواء، بنيران العسكري مبارك بومعرافي خلال اجتماع عام بمدينة عنابة شرقي البلاد يوم 29 يونيو (حزيران) عام 1992، واتهم الدبلوماسي الجزائري محمد العربي زيتوت النظام الجزائري باغتيال بوضياف بعد أن استدرج من منفاه إلى قبره.

ساسة بوست

 اعجابا بمقاومة الامير عبد القادر الجزائري الامريكيون يسمون مدينة بسمه ( el kader city )

[​IMG]

هذه الصورة للماسوني الجزائري اعلاه مصدرها موقع معبر الماسوني السوري ( ابو نعيم )
أما عن انتساب الامير : عبد القادر الجزائري (واسمه الكامل عبد القادر محي الدين الحسني الجزائري 1808_1883 ) للماسونية وانخراطه في عملها نورد النص بالفرنسية , كما ورد في المرجع.

-Dictionnaire Universel de la France-Maconnerie Hommes Illutsters
. Pays-Rits-Symboles Sous La De Daniel LiGOU Concption et realisation
DNIEL BERESENIAK ET MARIAN PSACHIN
C-COPYRIGGT 1974 BY EDITIONS DE NAVARRE ET EDITIONS DU PRISME- PRINTED IN FRANCE:
TOUS DROITS REPRODUCTION , DE TRADUCTION ,D, ADAPTATION ET, D;EXECUTION RESERVES PUUR TOUS PAYS.
اشترك في وضع مقالات هذه الموسوعة أكثر من مئة وثلاثين باحثا ماسونيا مشهود لهم بدراساتهم التجريدية وهي موسوعة ليست نادرة أو نافذة .
ورد في هذه الموسوعة مايلي باللغة الفرنسية ونذكرها للامانة وهذه ترجمتها :
محفل هنري الرابع
ولد الامير عبد القادر الجزائري في مدينة مسكرة في الجزاير 1808 وتوفي في الشام عام 1883 بين الاعوام 1823 _1847 كان المناضل الاكثر شراسة للاحتلال الفرنسي للجزائر وادى هذا النضال بالحاكم الفرنسي الى عزله
وهذا ما سبب له عداء نابليون الثاني وحجزه في فرنسا الى غاية 1852 عندما توجه الى تركيا ومن ثم الى الشام حيث ان تكليفه بماهم عام 1860 كان باية انتمائه الى الماسونية .
في الاحداث الدامية التي وقعت في دمشق في تموز من العام 1860 بين المحمديين والمسيحيين , كلف عبد القادر بمهمات انقاذية ووضع تحت حمايته آلاف المسيحيين الذين لقوا الحماية تحت لواءه .
هذه البادرة قدرها نابيلون الثالث وقلد الامير وسام الشرف الفرنسي وارسلت من بعدها المحافل الماسونية كتابات شكر وتقدير له اهمها محفل هنري الرابع الذي اخذ المبادرة .
وفي 16 تشرين الاول 1860 اعترفت الماسونية في عة رسائل له بناحيته الانسانية والاخلاقية واقترحت عليه في هذه الرسائل ان يكون عضوا في الماسونية دون ان يكون عضوا مكرسا بعد , اذا ان النظام الماسوني يسمح بتكريس هكذا رجال عظماء دون ان يكونوا مكرسين وارسلت له ما يسمى بالجوهرة او الرمز المعدني عرفانا منها اليه ولم يكن وقتها في الجزائر الدولة المسلمة اكثر من ثلاثين مكرسا ماسونيا ).
وفي العام 1861 رد الامير عبد القادر الحسني الجزائري على محفل هنري الرابع الباريسي بقوله: ( لم المس في المبادئ الماسونية ما يتعارض وشريعة القران الكريم والسنة والفقه الاسلامي ) عندها طلب منه محفل هنري الرابع الاجابة على ثلاث اسئلة وهي اسئلة تقليدية للانتساب الى الماسونية :
_ ماهي واجبات الانسان تجاه الله ؟
_ ماهي واجباته تجاه الانسانية ؟
_ كيف ينظر الى خلود النفس والمساواة والاخاء والحرية ؟
كان جواب الامير بمثابة اطروحة فلسفية تفوق هذه الاسئلة بتعاليم صوفية وفلسفة اسلامية ادهشت السائلين …كان وصول المارشال الفرنسي كاستاذ اعظم لهذا المحفل وخلافاته مع الامير قد اخرت تكريسه هنا كان لابد من حضوره شخصيا ففي 18 حزيران 1864 وباسم محفل الاهرام في الاسكندرية والذي كان عاملا تحت لواء الشرق الاكبر الفرنسي والممثل في محفل هنري الرابع تكرس الامير الامير عبد القادر الجزائري واعطي امتيازا قل نظيره في ذلك الوقت انه منحت له في جلسة واحدة الدرجات الاولى الثلاث وصدر عن محفل هنري الرابع في باريس جلسة عمومية اعطي بموحبها إذنا للامير أن ينشئ محافل ماسونية ذات الطابع العربي في جميع الاقطار العربية .
عام 1865 وفي خلال وجوده في فرنسا عقد الامير اجتماعات مع الماسونية الفرنسية في مدينةAmboise واعترف امام اساتذة الماسونية في هذا المذهب انه ( هناك بعض المصاعب التي ستواجهها الحركية في الشرق العربي نظا للانتماءات الذهبية رغم ان مبادئها هي من اجل المبادئ السامية والاخلاقية )
و بعد عودته الى سوريا اصبح عضوا فخريا في محفل سوريا الذي كان ينتمى الى الشرق الدمشقي ونظرا للمفهوم العلمني الماسوني المؤمن ولمفهوم الماسونية كحركة رمزيةولدت في الغرب المسيحي وتواجدها في الشرق الاسلامي .
حجب الامير عبد القادر بعضا من نشاطاته الماسونيه وبقي في الظل . بهذا المفهوم تصرف الامير بمعنى ان الماسونية ليست نسخة عن هذا العالم . لقد فهم الامير انه لايجوز كشف اسرار النظام الكوني امام اهل العماء ,نحن لسنا نسخة عن هذا العالم . وفي التكريس من استلم النور اي تكرس في نظام ما . ومن اعطي له النور فهو الذي تكرس في الاسرار والاسرارية الماسونية . اعطه النور ماذا يعني ؟ الماسونية هي التفتيش عن الحقيقة ….
التجلي القدسي في المكرس واسطورة التكريس (لاتعني كلمة قدسي هنا المعنى الديني بل معنى المحترم , يعني من اصبح محترما يمنع على الاخرين استباحة اعراضه وحياته لانه اصبح محميا من ابناء العشيرة ). وبينهما الرمز ولايتم ذلك بحالة الصفاء المشع
_ان فعل التكريس هو فعل دعوة عبور من المستوى المادي الى المستوى الما وراء المادي . نحن نعرف وبواسطة الزاوية والبركار ثلاث مستويات هي الطول والعرض والارتفاع . نحن نفتش وايضا بواسطة الزاوية والبركار عن مستوى البعد الرابع ونحن في المستوى المادي نشعر ان الزمان منفصل عن المكان لمجرد الارتباط المحدود بين هذه الابعاد الثلاثة وبقدرة حواسنا الخمس المادية . اما في التكريس علينا ان نصل الى العالم الما وراء المادي وهو مكون من ابعاد اربعة هي الطول والعرض والارتفاع والزمن وهنا نصل الى (حالة ) وتعني وحدة وجود وليست وحدة زمنية . انها حضرة أي هيولية فكرية واعني بها ما وراء العقل الى الوحي اي النيرفانا الهندية وهي الحالة الاخيرة قبل بلوغ قمة التركيز وتدعى اليوغا .
رئيس معهد الطقوس في المحفل الاكبراللبناني الموحد
الدكتور انطوان عاصي
____________
المصدر :
كتاب الماسونية ديانة ام بدعة من صفحة 125 -129
المؤلف : اسكندر شاهين
الكتاب طبع دار بيسان . بيروت . عام 1999
=============
البطل كما تصفه الدعاية الرسمية
هل كان الأمير عبد القادر عميلا لفرنسا؟
١٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩بقلم معمر بوضرسه
يعلم عامة الجزائريين عن طريق الدعاية و ليس عن طريق البرهان و الدليل و البيان أن الأمير عبد القادر بطل جزائري كافح الاستعمار الفرنسي. و أصبحت هـذه الأسطوانة حقيقة تاريخية لا يشك فيها أحد، لأن كتابة التاريخ لا تخضع لمعايير و مقاييس تكشف الحقيقة التاريخية من كل جوانبها.
و ذكر ابن خلدون في »المقدمة« عيوب كتابة التاريخ عند العرب و المسلمين بعدما عرف به بالكالمات التالية:» ﺇعلم أن فن التاريخ فن عزيز المـذهب جم الفوائد شريف الغاية….فهو محتاج إلى مـآخـذ متعددة و معارف متنوعة و حسن نظر و تثبت يفضيان بصاحبهما إلى الحق و ينكبان به عن المزلات و المغالط…وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل و هموا فيها و ابتدعوها..«
و لرفع الستار عن الحقيقة الراسخة أن الأمير عبد القادر بطل، رغم أنها أكـذوبة تاريخية مؤكدة، اخترت مصدرا آخر لتقديم البرهان أن الأمير عبد القادر كان خائنا و عميلا للاستعمار لم يـذكره التاريخ الرسمي و أذنابه من الكتاب المعاصرين الـذين يتفننون في الكـذب لطمس الحقيقة ليحتل مكان الحقيقة التاريخية المدفونة في الدواوين الممنوعة من التداول و الـذكر.
و المصدر هو كتاب شارل هنري شرشيل المعنون » حياة عبد القادر« الصادر باللغة الإنجليزية في لندن سنة 1867 و المترجم إلي الفرنسية من طرف مشال هابرت و المنشور في الجزائر سنة 1971. ولا أعرف هل ترجم للعربية أم لا، لأن الكتاب مهم و مصدر الكاتب الإنجليزي هو الأمير عبد القادر نفسه عندما كان يعيش في دمشق بسوريا التي كانت تحت سلطة الخلافة العثمانية كما كان حال الجزائر قبل استعمارها من طرف فرنسا.
وقبل الشروع في بعض ما جاء في الكتاب، وجب تقديم كاتبه و هو عقيد في المخابرات البريطانية و تحصل على عدة مؤلفات كما تحاور مع الأمير نفسه في دمشق أثناء الشتاء 1859-1860 و ذلك كل يوم لمدة ساعة من الزمن. و يعتبر ما جاء في الكتاب أنه من مصدر موثوق و هو الأمير عبد القادر نفسه. و ليومنا هـذا لم يـكـذب دعاة الأمير الكتاب و محتواه.
ويذكر بلعيد عبد السلام في حواراته مع علي الكنز و المرحوم محفوظ بنون » التاريخ و الصدفة« أن قائد الأمير الحقيقي هو ليون روش، ضابط المخبرات الفرنسية الـذي كان في ديوانه و موظف كأمينه العام.
و يـذكر مترجم الكتاب في مقدمته أن الأمير كان يستعين بشبكات يهودية في خدمته، كما يوضح أن الصراع الحقيقي كان بين فرنسا و انجليترة للحصول على نفوذ في الجزائر لإضعاف الخلافة العثمانية التي كانت تتحكم في مقاليد العالم. كما يذكر أن العمليات الإستخبرتية للجيش الفرنسي تضاعفت داخل التراب الجزائري بعد إمضاء عبد القادر على أول معاهدة سلم مع الجيش المحتل. و سأعود للموضوع فيما بعد.
وأتطرق فيما يلي إلى كل ما جاء في الكتاب فيما يخص عمالة الأمير عبد القادر للمستعمر الفرنسي بعد مبايعته.
مبايعة الأمير منحصرة في الأقلية القبائل في معسكر.
جاء في الفصل الثاني من الكتاب الخاص بالمرحلة بين 1830 و 1832 أن الباي حسن، باي وهران طلب حماية محي الدين، أبي عبد القادر من الاستعمار الفرنسي، لأنه رفض تسليم نفسه للمستعمر. و اجتمعت أسرة بني هشام التي ينتمي إليها عبد القادر لدراسة القضية، و كان عبد القادر هو من رفض الحماية بحجة أن القبائل كانت تكره ممثل الطغيان التركي.
و سمح القرار بدخول الاستعمار الفرنسي إلى وهران دون مقاومة في 4 جانفي 1831 بقيادة الجنرال دمرمون و سلم الباي نفسه و سمح له بالتوجه إلى الإسكندرية. و نتج عنها الفوضى، الشيء الـذي فرض على بعض القبائل الطلب من أب عبد القادر أن يلم شملهم لوضع حد للفوضى، بعد رفض السلطان المغربي عبد الرحمن مؤازرة القبائل التي طلبت مساعدته على مقاومة الاحتلال.
لكن رد سلطان المغرب كان احتلال تلمسان. و بعد هـذه الخيانة من طرف سلطان المغرب الـذي لم يكن خاضعا للخلافة العثمانية،قرر زعماء القبائل الاستنجاد بمحي الدين،أبي عبد القادر الـذي رفض الطلب ورشح ابنه عبد القادر مكانه، بعد ما هددوه ممثلي القبائل بالقتل أو قبول لقب سلطان.
قٌبل ممثلو القبائل الاقتراح و بايعوا عبد القادر سلطانا عليهم و ذلك يوم 20 نوفمبر 1832، أي بعد أكثر من عامين من دخول الاستعمار الجزائر و ما يقارب السنتين منذ دخوله وهران.
وهكـذا أصبح عبد القادر سلطانا،الـذي أمضى إعلانه في معسكر في 22 نوفمبر 1832 يعترف فيه بالقبائل التي بايعته سلطانا عليها.
و جاء في الفصل الثالث من الكتاب الخاص بسنة 1833 أن القبائل الأخرى التي لم تحضر المبايعة،عارضتها و تعامل السلطان الجديد مع المعارضة بالحديد و النار و ليس بالحوار و الشورى. و تغلب على معارضه و ليس على الاحتلال. و هكـذا، أضعف الأمير عبد القادر الجبهة الداخلية التي أصبحت هشة و ضعيفة.
معاهدة ديميشال سنة 1834.
بعد ما أعلن الجهاد ضد الاستعمار بعد مبايعته و القضاء على المعارضة الداخلية، أضطر السلطان عبد القادر إلى إمضاء معاهدة مع الجنرال ديميشال في 21 فبراير 1834 ، أي بعد أكثر من سنة بعد مبايعته. وتنص المادة الأولى من المعاهدة أن العداوة بين الفرنسيين و العرب تنتهي هـذا اليوم، و أن الجنرال و الأمير عبد القادر لا يسهونا على شيء لضمان الوحدة و الصداقة التي يجب أن توجد بين الشعبين،الذين قدر الله لهما أن يعيشا تحت نفس السيطرة. و الهدف من هـذه المعاهدة هو تعزير سلطة الأمير من الحدود المغربية للحدود التونسية.
معاهدة التفنة في 30 ماي 1837 .
مرت على المعاهدة الأولى ثلاث سنوات،اضطر الأمير ٌلإمضاء معاهدة أخرى مع قوات الاحتلال التي لم تحترم المعاهدة الأولى. و سميت المعاهدة الثانية بمعاهدة التفنة التي أمضيت في 30 ماي 1837 بين الأمير عبد القادر و الجنرال بيجو.
و تنص المادة الأولى على ما يلي: يعترف الأمير عبد القادر بسيادة فرنسا. و تتكون المعاهدة على 15 مادة كلها لصالح الاستعمار.
و جاءت هـذه المعاهدة لتهدئة الجبهة الغربية و تعزيز قوات الاستعمار في الجبهة الشرقية التي تعرف مقاومة قوية بقيادة الباي أحمد الذي رفض الاستسلام حتى هزيمته. و يشهد التاريخ أن قبل سقوط قسنطينة في يد الاحتلال قي أكتوبر 1837، أي بعد الهدنة التي أمضى عليها الأمير عبد القادر مع المحتل، تم قتل كل من الجنرال دمرمون و بيريغو. و قتل في الغزو الفاشل الفرنسي ضد قسنطينة سنة 1836 ألف جندي. كم قتل الأمير من جند فرنسا و ما هي المحاولات التي قام بها لتحرير وهران؟ و حتى معسكر التي أحتلها الاستعمار سنة 1835 من طرف الجنرال كلوزيل؟
كما ساعدت هـذه المعاهدة الأمير عبد القادر لمواصلة كفاحه ضد القبائل التي رفضت مبايعته، أي ضد المعارضة الجزائرية و ليس ضد الاحتلال.
جاء في الجزء الخاص بسنة 1838 أن الأمير طلب من القبائل تسديد الجباية و هي غير خاضعة لسلطته. و رفضت القبائل تسديد الجباية و كان مصيرها القتل من طرف الأمير عبد القادر، الـذي ساعد الاحتلال للوصول إلى بيلك التطري و عاصمته المدية بعد مقاومة باي التطري، بومزراق، الـذي تغلب على الاحتلال في معركة البليدة سنة1839.
و حجة الزكاة و العشور كجباية طلبها الأمير عبد القادر من قبائل غير خاضعة لسلطته و لم تبايعه هو الظلم الواضح. و استغل الأمير هـذا لضرب مقاومة باي التيطري و التغلب عليه بسكوت الاحتلال عن طريق المعاهدة. و تغلب الأمير و فتح الباب للاستعمار و تعبيد الطريق له، حيث تغلب الأمير على المقاومة في جنوب الجزائر التي قادها الحاج محمد بن سالم التيجاني و مقره عين الماضي. و منها الزاوية التيجانية المعروفة اليوم. و ساعدته فرنسا على ذلك بتزويده بالذخيرة و السلاح. و أمضى عبد القادر معاهدة للخروج من عين الماضي في مدة ثمانية أيام، لكنه بعد الموعد، هدم المدينة.
استسلام الأمير
إن كان الأمير بطل، فـﺈ نه لا يستسلم، بل يموت شهيدا في المعركة. و لكن الواقع يدلنا و الشهادة التاريخية تثبت أن البطل المزعوم سلم نفسه للاحتلال في 22 ديسمبر 1847، و أصبح سجين فرنسا التي ساعدها على احتلال الجزائر. و أحسن دليل تاريخي هي الرسالة التي بعث بها بطل الجزائر في مارس 1848 و هي ملحقة بالكتاب. و هـذه بعض ما جاء فيها:« هل سأكون هنا إن لم أريد تسليم نفسي؟ إني جئت عندكم بكل حرية و إرادة. هـذا الضمان يساوي كل الضمانات الأخرى..«
و كتب عبد القادر رسالة للحكومة المؤقتة بعد الإطاحة بالملكية وهـذه بعض ما جاء فيها:» رضيت أن أضع نفسي في أيدي الفرنسيين…لم أكن سجينا. و سلمت نفسي بـﺈ رادتي الحرة…أعلن أنني لم أشجع على الفوضى ضد الفرنسيين…«. هـذه هي شروط استسلام البطل.
و هناك رسائل أخرى كتبها البطل الوهم يتعهد فيها بعدم الرجوع للجزائر. و شارك الأمير عبد القادر في انتخابات فرنسية يوم 21 نوفمبر 1852. و كان من بين قادة الدولة الـذين قدموا التهاني للإمبراطور. ، تم نفيه فيما بعد في المشرق العربي.
الأمير يتقاضى منحة من الخزينة الفرنسية.
جاء في الفصل الثالث و العشرين من الكتاب الخاص بالمدة ما بين 1853 و 1860 أن الإمبراطور نابليون الثالث منح للأمير منحة مالية قدرها 4000 ليرة سنويا. و يقول الكاتب أن بهـذه المنحة، يمكن للأمير أن يعيش أميرا حقا. لماذا منح نابليون منحة للأمير إن لم يكن فرنسيا و خادما لها؟ و يذهب عبد الحميد بن باديس، أول رئيس لجمعية العلماء المسلمين إلى أبعد من ذلك، حيث يؤكد في مكتوب له في «الشهاب» رقم 11 غرة ذي القعدة 1354 الموافق لفبراير 1936 أن السلطة الاستعمارية التزمت مع الأمير لمنح نسله منحة أيضا. و يؤكد في المكتوب الخاص بالأمير خالدما يلي:» فتم الأمر على أن تدفع الحكومة عن الأمير الخالد سائر كانت نحو 85 ألفا. و أن توصله للقطر السوري حيث يقم أعمامه و بنو عمومته. و تترك له جرايته التي يتقاضها عن تقاعده العسكري و الجراية التي يتقاضها بصفته من ذرية الأمير عبد القادر.«.
و هـذا الجزاء الدائم لورثة الأمير دليل أخر على خدمته لمصالحها في الجزائر و في المشرق. إنه سخاء الخزينة الفرنسية لكل من يخدمها و يبقى وفيا لها. ذلك هو البطل الجزائري الرسمي الـذي يقتدي به اليوم و يعتبر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة،أي المستعمرة من قبل فرنسا.
الأمير عضو في الماسونية.
يكتب الكاتب في الفصل 24 الخاص بالمدة ما بين 1860 و 1864 أن الأمير تلقى هدايا من القوات الكبرى بعد تدخله لصالح المسيحيين في دمشق. و يذكر الأوسمة المقدمة من طرف فرنسا، روسيا، ألمانيا أو بروسيا، اليونان، تركيا، إنجلترا و منظمة الماسونية الفرنسية.
و يذكر الكاتب أن الأمير عبد القادر دخل الماسونية في 18 جوان 1864 في غرفة الأهرام.
الأمير عبد القادر في خدمة شركات الملاحة الغربية.
و بعد كل هـذا، سخر الأمير عبد القادر نفسه لخدمة مصالح شركات الملاحة الغربية و منها شركة ملاحة قناة السويز التي كان يرأسها فردينى دي لوسبس الـذي زار الأمير في دمشق سنة 1861 لمواصلة شق القناة. و سافر الأمير لمصر سنة 1863 و قام بها لمدة ثلاث أشهر دفاعا عن مصالح لوسبس. كما دفع الأمير عبد القادر على مصالح شركة ملاحة أخرى و هي شركة فرنسية شقت مضيق قابس بتونس. و بعث برسالة إلى عرب تونس و الجزائر ينصحهم فيها بقبول المشروع. و الرسالة مرفقة بالكتاب و هي الوثيقة العاشرة.

رابط :
http://defense-arab.com/vb/threads/42094/page-3